موسكو تزود سوريا مروحيات و انظمة دفاعية متطورة
إعلام, صحف, ن, i, J 1:00 م
الخلاف الذي كلل اجتماع المعارضين السوريين في القاهرة لم يكن بالامرالجديد
في ظل ادراك الحلفاء قبل الخصوم ان النزاعات الكبيرة منعت وستمنع قيام اي جبهة موحدة
بالحد الادنى لاطياف المعارضة السورية وحيث تتراوح هذه الخلافات بين العقائدية (وهي
الاصعب) والسلطوية والمادية والطبقية. لكن الجديد في هذه الخلافات هو ظهور النزعة الانفعالية،
من خلال مطالبة المجموعة الكردية بالبدء بالاعتراف بشخصيتهم المستقلة، على الطريقة
العراقية.
واسفت مصادر ديبلوماسية متابعة ان الولايات المتحدة الاميركية قدمت «نصائح»
الى المجلس الوطني الكردي في سوريا وبشكل سري بتأجيل المطالبة بتحقيق السيادة والحقوق
الثقافية الكردية لمرحلة ما بعد سقوط الاسد، على ان تكون واشنطن هي الضامن المباشر
لتحقيق ذلك.
والواضح ان النموذج العراقي هو اقرب الى الكيانات الذاتية منه الى الدولة المركزية
الواحدة، والا كيف يمكن الطلب من نائب رئيس الجمهورية المثول امام القضاء فيما هو قام
بالانتقال الى منطقة كردستان حيث رفض تنفيذ القرار.
وهذا الواقع يفتح الباب مستقبلا امام شتى الاحتمالات، واستطرادا فان ما يجري
التخطيط له في سوريا لمرحلة ما بعد الاسد، يدخل في هذا النطاق: كيانات مذهبية، وكيان
اضافي للاكراد.
ويحلو لبعض الكواليس الديبلوماسية ان تتحدث عن سينهاريو بات شبه ناضج ميدانيا
بسبب التطورات الامنية الاخيرة، والذي يشير الى اربعة مناطق قد تذهب اليها سوريا في
حال تصاعد الضغط الامني الحاصل. واحدة في الشمال للنظام، وثانية كردية بالقرب منه عند
الحدود ، وثالثة للمعارضة في الوسط، ورابعة في الجنوب لكافة المجموعات المتطرفة والمنظمات
الفلسطينية التي تسعى لتوتير الحدود مع اسرائيل.
ولذلك، تبدو تركيا مترددة ازاء ازدياد اعمال العنف والفوضى في سوريا، كون ذلك
سينعش واقع المتمردين الاكراد في جنوب تركيا.
ومن الاسباب التي ادت الى لجم الاندفاعة التركية في الأزمة السورية، هو خشية
انقرة من ان تلجأ دمشق الى استغلال العامل الكردي ضدها.
فصحيح ان المصلحة التركية تكمن في قدرتها على التأثير على اي واقع سوري جديد،
لا سيما وان شهية الحكومة التركية لاستعادة مجدها الغابر ايام الامبراطورية العثمانية
اضحى معلوماً، الا أن العامل الكردي يشكل عائقاً جدياً وحقيقياً امامها.
ويكشف معهد واشنطن للابحاث، الى تصاعد موجة المواجهات العسكرية بين حزب العمال
الكردستاني ووحدات الجيش التركي وتناغمها مع الحضور القوي للفرع الكردي في سوريا الذي
اقام نحو مئتي نقطة تفتيش قرب الحدود التركية في محيط مدينة حلب، مما قوّض قدرة المعارضين
السوريين على النفاذ باتجاه هذه المنطقة.
في المقابل تعتقد أوساط ديبلوماسية أن ايران المعنية مباشرة بالازمة السورية،
تعمل على أن تتناسب التطورات الميدانية مع ابقاء تواصلها البري مفتوح من طهران حتى
جنوب لبنان، مروراً بسوريا بطبيعة الحال.
اما روسيا والتي تبدي خشيتها من التمدد الاسلامي الحاصل في العالم العربي، بدعم
وتشجيع من الحكومة التركية الطامحة لاستعادة امجادها التاريخية ولكن من خلال القنوات
الاسلامية هذه المرة، فانها مصممة على القتال في سوريا كخط دفاع اول عن امنها الحيوي.
وهي تتبع في ذلك سياسة مرنة من حيث الشكل، ولكن متشددة من حيث المضمون. اي مرونة ديبلوماسية
في مقابل تصميم ميداني.
وبعد حادثة اسقاط الطائرة العسكرية التركية، اشار تقرير صادر عن مركز ابحاث
روسي هو «CAST»
ان موسكو بصدد تسليم سوريا معدات عسكرية وتسليحية خلال الاشهر القليلة القادمة، تقدر
قيمتها بنصف مليار دولار، ومن ضمنها طائرات مروحية قتالية من طراز MI – 25، والتي اعيد تأهيلها بالاضافة الى انظمة اضافية للدفاعات الجوية، وعدد
من الطائرات المقاتلة المتطورة من طراز «ميغ 29».
والواضح أن الهدف الروسي من هذه الصفقة العسكرية الضخمة هو «القضاء» نهائىاً
على فكرة انشاء منطقة حظر للطيران كونها ستواجه انظمة دفاعات جوية سورية متطورة، بخلاف
ما وجهه حلف شمالي الاطلسي في ليبيا.
ذلك أن تحقيق فكرة انشاء منطقة حظر للطيران، سيعزز من دون شك حضور وقدرة المعارضة
المسلحة للنظام، ويسمح لها بتكريس مناطق مستقلة واقامة سلطات محلية، تمهيداً للوصول
الى تفكيك سوريا.
تكفي الاشارة الى الواقع الليبي، وحيث أن الاختلافات داخل الجسم السوري تبقى
اخطر واكثر حساسية منه في الجسم الليبي الذي انقسم فعلياً بين مناطق متنازعة بعد موت
القذافي، وحيث ان الحروب اليومية تدور بشكل واسع، رغم تغييب هذه الاخبار عن وسائل الاعلام
العالمية.
وقد لا تكون الازمات الخطيرة التي يعيشها لبنان، بعيدة عن هذا الواقع الذي يهدد
المنطقة مستقبلا ولو من دون وجود وعي لبناني داخلي الى المنحى الذي تتخذه الاحداث.