بقلم غالب قنديل: هل يخرج أبو الوليد عن صمته ؟


ظهرت بوادر ارتباك على قيادة حركة حماس منذ اندلاع الاضطرابات في سوريا وبعد بروز بصمة واضحة لتنظيم الأخوان المسلمين هناك في حبك خيوط لعبة دولية إقليمية تستهدف استنزاف نظام الرئيس بشار الأسد بدعم مباشر من قطر و التنظيم العالمي للأخوان المسلمين تحت الرعاية الأميركية، وقد تجسد ذلك مباشرة في الموقف المتلعثم من خطاب الشيخ يوسف القرضاوي الذي تركز على التحريض الطائفي في سورية وهو أثار ردود فعل شديدة الغضب في دوائر دينية و سياسية واسعة و في الأوساط الشعبية السورية على السواء ، وعلى الرغم من توافر معلومات شبه مؤكدة عن اتصالات استنكار أجراها قادة حماس بالقرضاوي فقد اضطر رئيس المكتب السياسي للحركة المناضل خالد مشعل لنفي خبر حول مضمون حديث هاتفي دار بينه وبين الشيخ المقيم في الدوحة تحت رعاية أمير قطر في حين يشيد المسؤولون في دمشق بتضامن قيادة حماس مع البلد وبحرصها على استقراره ويردون بالنفي القاطع على أي سؤال يوحي بالسلبية او البرود في مناخ العلاقة، ليستنتج السائل أن القيادة السورية لا تريد إحراج حلفائها وأن ما تردد عن نقاش داخل حماس هو صحيح على الأرجح أو على الأقل فإن الجدل في التنظيم العالمي للأخوان مستمر حول سوريا و هو لم يحسم.

بدرجة لا تقل وضوحا بدا التلعثم التركي أمام مسار التطورات في سوريا وغلبت على رجب طيب أردوغان لكنة الأستاذ الذي يقدم النصائح ويلقي الدروس عن الديمقراطية و الإصلاح بينما حمل فيلسوف حزبه داود أوغلو إلى دمشق رزما من النصوص القانونية المترجمة في عمل استعراضي نافر بدا موجها للداخل التركي عشية الانتخابات وعلى حساب أصول العلاقة بسوريا بعدما انكشف وجود قيادة تنظيم الأخوان في اسطنبول التي قدمت لها المخابرات التركية تسهيلات لوجستية وإعلامية تستخدم في إثارة الاضطرابات التي اتجهت نحو استعمال السلاح في أكثر من مدينة سورية ظهرت فيها بصمات الأخوان والجماعات التي تستظل تنظيماتهم الواجهية وتحظى بدعم مباشر من بندر بن سلطان و فريقه الاستخباراتي بعد خطف ضباط وجنود وقتلهم والتمثيل بجثثهم بأساليب فرق الموت البندرية في العراق .

تتضح على هذا النحو من مسار الأحداث في البلاد العربية حقيقة رئيسية وهي أن تركيا لعبت دورا في تسويق فكرة الحوار بين الإدارة الأميركية و التنظيم العالمي للأخوان المسلمين الذي يرتبط بالغرب منذ قيامه وهو تنظيم نما وترعرع في الحضن السعودي الأطلسي تاريخيا فتوزعت مقرات قادته بين ألمانيا والمملكة ومؤخرا أضيفت لخارطة الرحلات التـي يقوم بها قادة تنظيمات الأخوان في المنطقة مدينتا اسطنبول والدوحة بفعل تحدر العدالة والتنـمية التركي من التنظيم العالمي ومع الرعاية السخية التي يقدمها أمير قطر بواسطة الشيخ القرضاوي واتحاد العلماء.

وقد برز دور تنظيم الأخوان في مصر وليبيا وسوريا وترددت معلومات عن حوارات سابقة جرت بين قيادة التنظيم المصري والسفارة الأميركية انتهت إلى اتفاق على التعهد الأخواني بعدم المس باتفاقية كمب ديفيد وما ترتب عليها من التزامات نحو إسرائيل أبرمها نظام حسني مبارك وصدر ذلك في قرار عن مكتب الإرشاد بعد تنحية الدكتور مهدي عاكف المعروف بحماسته لقوى المقاومة.

حماية التزامات الأمن الإسرائيلي تمثل أولوية أميركية في التعامل مع نتائج الثورة المصرية وبعد تدحرج التغييرات السياسية الداخلية تحت ضغط حيوية الحركة الشعبية وهو سقف سياسي كلفت واشنطن أصدقاءها من جنرالات المجلس العسكري الانتقالي بحراسته ومنع المساس به.

أما في ليبيا فإن تنظيم الأخوان في الداخل والخارج يشكل القوة الحاضنة للتدخل العسكري الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة ويؤدي رموز التنظيم دورا مهما في ترويج العلاقة المباشرة بدول الناتو وتحويل استقدام جيوشها إلى مطلب باسم الشعب الليبي وحيث يمثل تنظيم الأخوان والجناح العسكري القبلي المنشق عن نظام العقيد القذافي القوتين المنظمتين المضمونتين بولائهما للغرب فإن اعتمادهما من قبل الناتو كنواة لسلطة الشطر الشرقي من ليبيا بات شبه محسوم .

التنظيم في سوريا محتضن من بندر بن سلطان وسعد الحريري ماليا وسياسيا ولوجستيا ويحظى بمساندة ودعم أميركيين وقد نزل أمير قطر بثقله في الميدان للضغط على سوريا وتحرك لدعم خـطة الأخوان المسلمين من خلال خطب الشيخ القرضاوي وعلاقاته المباشرة بمجموعات من رجال الدين داخل سوريا وعبر تسخير قناة الجزيرة في عمل تحريضي مكشوف لتفعيل الاضطرابات ولتضخيم الأخبار وضـمن سعي قطري محموم لاستدراج ضغوط وتدخلات خارجية ضد سوريا، بينما تلتزم تركيا جـانب الحذر نتيجة خشيتها من انعكاس أي اضطرابات سورية داخلية عليها مباشرة بفعل التشابك والتشابه في النسيج الاجتماعي والديني والعرقي المتنوع .

تدرك حركة حماس ما تمثله سوريا في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي وتعرف قيادتها ان تنظيم الأخوان في سوريا متورط بمؤامرة أميركية تستهدف فك التلاحم بين دمشق وحركات المقاومة في المنطقة وخصوصا الفلسطينية منها، ولو وضع ذلك في الميزان فهو لا يقارن بإغراء فتح قنوات اتصال مع الولايات المتحدة والناتو بواسطة أردوغان أو الشيخ حمد أمير قطر والمبشر بديمقراطية أوباما في المنطقة

وتدرك حركة حماس أن التنظيم العالمي للأخوان لم يتخذ موقف الحد الأدنى المقبول اخلاقيا خلال حـرب غزة التي خاضها الشعب الفلسطيني وان الحاضن السوري الإيراني هو الذي حرك المعادلات والتوازنات الإقليمية لمصلحة المقاومة وحيث يمثل التورط الأخواني السافر في خطة واشنطن لاستنزاف سوريا ولإخضاعها طعنة لكتلة المقاومة في المنطقة تعوض الكثير من خسائر إسرائيل وهزائمها ، فهل يخرج المناضل خالد مشعل عن صمته و يطلق الفرز في صفوف الأخوان المسلمين وتنظيماتهم في جميع الساحات انطلاقا من إدانته لجميع المتورطين في خطة تخريب سوريا وعلى حد الصراع الأصلي ضد الكيان الصهيوني الغاصب؟.

أخبار ذات صلة



0 التعليقات for بقلم غالب قنديل: هل يخرج أبو الوليد عن صمته ؟

إرسال تعليق

أدخل بريدك واشترك معنا بالنشرة الإخبارية:


.

syria a2z news (c) 2011 All Rights Reserved