من ينتظر اتصالاً من الأسد فسينتظر طويل



نبيل هيثم – قال ميشال سليمان كلمته.. ومشى. «أنتظر من الرئيس بشار الأسد اتصالا». الجملة قصيرة جدا، لكنها في حسابات العلاقات بين الرؤساء والدول، تصبح جملة تحتاج إلى معاجم سياسية لفك طلاسمها، خاصة أن من تصدر عنه معروف عنه تاريخيا انتماؤه إلى «المدرسة السياسية الباطنية».

ثمة آراء كثيرة في ما قاله سليمان. أبرز الآراء، أول يقول ان الرجل لم يدرس كلمته جيدا وربما يكون قد انزلق الى قولها بفضل أدوار بعض غلاة المستشارين، ممن حددوا مواعيد سقوط النظام السوري، وصاروا يرسمون أدوارا لبنانية في سوريا، مقتنعين بأن النظام الســوري لن تقوم قيامته «لبنانيا» لمئات السنين.

الرأي الثاني يقول ان سليمان لم ينزلق، وهو قالها عمدا كأنه يطلب من الرئيس الأسد ألا يتصل به نهائيا، بعدما كان الاتصال بينهما دوريا. اما الهدف، فربما يكون ناتجا عن قناعة سليمانية بأن الأسد يوشك أن ينهار وأيامه صارت معدودة، ولا بأس من التموضع حيث يمكن أن يكسب هو شخصيا في المستقبل غير البعيد.

وبين هذا وذاك، يقول مرجع سياسي لبناني بارز انه «كان في امكان سليمان مقاربة هذه المسألة (قضية ميشال سماحة)، بهدوء وروية وتبصّر وبدرس أبعاد كل كلمة تقال في هذه القضية نظرا لحساسيتها وخطورتها في آن معا». 

ويضيف المرجع: «كان في إمكانه مثلا الاكتفاء باستقبال اشرف ريفي ووسام الحسن، من دون ضجيج إعلامي، فقد غادر موقعه المسؤول، وبدا طرفا سياسيا، علما بأن ريفي والحسن أضرا بالاستقبال المميز لهما عندما أكملا رحلتهما الى المختارة لاطلاع وليد جنبلاط على حيثيات قضية سماحة، قبل أن يقررا بعد ايام وضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في صورة ما حصل!

ويشير المرجع الى أنه «كان الاجدى ترك القضية تأخذ مسارها القضائي حتى يبنى على الشيء مقتضاه»، ويسأل «هل بهذه الطريقة يخاطب رؤساء الدول بعضهم البعض، وعندما يقول ميشال سليمان انه ينتظر اتصالا من الاسد فهل يعتقد جديا انه سيتلقى مثل هذا الاتصال. ثم ماذا لو لم يتصل به الاسد، ماذا سيفعل، هل سيصعِّد اكثر، ام انه سيتراجع ويبادر هو الى الاتصال أو ارسال موفد منه الى «ابو وائل». وماذا لو جاءه الجواب «ان الشخص المطلوب غير متوفر حاليا في الخدمة»؟
أما دمشق، عدا عن اصدار الاستنابات القضائية، فانها استُفـزت من موقف سليمان، وتنقل شخصية لبنانية على صلة وثيقة بالقيادة السورية، عن مسؤول سوري كبير قوله في معرض تقييم موقف رئيس جمهورية لبنان

- «
ان موقف سليمان هو فعل هجومي لا يقل من حيث مفعوله عما تتعرض له سوريا داخليا على ايدي مجموعات ارهابية».
- «
ان دمشق اعتادت على ميشال سليمان منذ بداية الأزمة فيها، كواعظ في الوقت الخطأ، وكناطق بلسان غيره وباللغات الأميركية والفرنسية والسعودية والقطرية والتركية وكل من يناصب العداء لسوريا». 

- «
ان دمشق تعتبر ان مجرد ان يقدم ميشال سليمان قضية ميشال سماحة بالطريقة التي قاربها فيها بتبني الاتهام المباشر لسوريا، فمعناه انه اتخذ قرارا مسبقا بالقطيعة الديبلوماسية ولا حاجة لاتصالات أو توضيحات لا حول هذه القضية ولا حول غيرها». 

- «
ان دمشق تقارب قول سليمان انه ينتظر اتصالا من الرئيس الاسد، من زاويتين:
الاولى، ان هذا الكلام ينطوي على محاولة غير بريئة لتقديم اسم الرئيس الاسد كمتهم مباشر في قضية يثار حولها الكثير من علامات الاستفهام.

الثانية، ان هذا الكلام ينطوي على جهل حقيقي بالرئيس الاســد، واذا كان سليمان جديا، فعليه أن ينتظر طويلا الاتصال الموعود

وإذا كان التصفيق لموقف سليمان لا يزال مستمرا من قبل «فريق 14 آذار» ووليد جنبلاط، الا انه في المقابل، استولد مخاوف لدى حلفاء سوريا في لبنان.

وعلى حد تعبير قيادي بارز في الاكثرية، فإن سليمان «اصدر الحكم في قضية سماحة واتهم سوريا، قبل صدور اي اتهام رسمي وقبل ان يحال الرجل على القضاء العسكري، بينما هو تغاضى عن عشرات المحاولات لجعل لبنان قاعدة استهداف لسوريا، ناهيك عن التحريض السياسي والمذهبي والخروق اللبنانية اليومية للحدود السورية».

ويسأل قيادي لبناني «هل بات سليمان مقتنعا بأن بشار الاسد سيسقط، وماذا لو لم يتم ذلك وكيف يفسر صمود الاسد حتى هذه اللحظة، وهل قرر سليمان ان يخرج من جلده الذي ارتداه على مدى السنوات الرئاسية الاربع، وبالتالي أن يرتدي جلدا جديدا يناسب السنتين المتبقيتين من الولاية الرئاسية حتى آخر ربيع 2014. وماذا لو فشل الرهان على سقوط الأسد، وماذا سيكون انعكاس ذلك ليس على ما تبقى من الولاية الرئاسية فقط، بل على كل الواقع اللبناني؟».

يضيف متسائلا «لماذا ابرز ميشال سليمان حماسته حيال قضية ميشال سماحة، بينما لم يبرز حماسته في الانتصار للسيادة الوطنية في الحالات التي يستباح فيها لبنان من قبل الاميركيين، والامثلة هنا لا تعد ولا تحصى، وأبرزها اكتشاف اكبر محطة تجسس لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الـ«سي آي ايه» في السفارة الاميركية في عوكر؟ وهل موقف سليمان مرده الى جرأة ام الى مشكل شخصي بينه وبين ميشال سماحة؟

يقول سياسي معروف بعلاقته الوطيدة بالرئيس الاسد، ان رفع ميشال سليمان سقف كلامه في التخاطب مع الاسد تحديدا يندرج في سياق قراءة رئاسية للوضع في سوريا متأثرة الى حد كبير بـ«أجندة» الدول المنخرطة في المعركة ضد سوريا. وكما ينقل عن رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية في هذا السياق: «لا توجد في هذا الموقف جرأة او تسرّع او سوء قراءة للوضع، بل لا يوجد سوى نكران للجميل».

أخبار ذات صلة



0 التعليقات for من ينتظر اتصالاً من الأسد فسينتظر طويل

إرسال تعليق

أدخل بريدك واشترك معنا بالنشرة الإخبارية:


.

syria a2z news (c) 2011 All Rights Reserved