حماة تنفض الإضراب عنها
الأخبار المحلية, ن, i 1:38 م
لم يطق العديد من الحمويين العصيان المدني الذي فرضته مجموعات ملثمة على الأسواق التجارية منذ منتصف الأسبوع المنصرم، وضاقوا ذرعاً به، لذلك عمدوا أمس إلى كسره، وبادروا إلى فتح محالهم التجارية، ليزاولوا البيع والشراء، وانضم إليهم أصحاب المحال والبقاليات في الأحياء البعيدة عن مركز المدينة، ما جعل العديد من الأهالي يتنفسون الصعداء، والمدينة تشهد حركة جيدة على الرغم من مواصلة نسبة كبيرة من المحال التجارية في أسواق الحاضر الصغير، والحاضر الكبير، و8 آذار والطويل وابن رشد والدباغة إضرابها حتى السبت القادم كما يتردد في الشارع الحموي اليوم وهو ما أوجد ظاهرة بسطات الخضار والفاكهة واللحوم بجميع أنواعها تزدهر وتنتعش في هذه الأيام التي تغلق فيها المحال.
وساهم دوام الموظفين شبه التام في الدوائر والمؤسسات، وذلك الكسر الجزئي للعصيان المدني، في تنشيط حركة سرافيس النقل الداخلي، وتلك العاملة على خطوط المدينة الخارجية، حتى قرابة الساعة الخامسة من مساء أمس، لتعود الحركة إلى خفوتها كالمعتاد، تحسباً من ردات فعل انتقامية للمجموعات المسلحة، التي تستغل وجود وفد من مراقبي الجامعة العربية بالمدينة، لتقوم بتظاهرات في الأحياء الساخنة، في محاولة يائسة للنزول إلى ساحة العاصي مركز المدينة ووسطها التجاري والسياحي وهو ما تعمل قوى حفظ النظام على منعه، بإعادة انتشارها غير المسلح في الساحة والشوارع ومفارق الطرقات والأحياء المؤدية إليها، ولمنع أي محاولة اعتداء قد تفكر بالقيام بها تلك المجموعات المسلحة، التي عمدت كما يظهر للعيان يوم أول أمس إلى تدوين عبارات مناوئة للنظام على «جرارات» المحال التجارية في سوق «المرابط» وغيره، وتدعو فيها أصحاب المحال التجارية إلى الإضراب العام، وتحث مواطني المدينة على العصيان المدني، من دون أن تلقى استجابة ترضيها، إذ طلاها أصحاب المحال والمواطنون باللون الأحمر وفتحوا محالهم وزاولوا أعمالهم!!.
وذلك كله، في الوقت الذي يواصل فيه مراقبو الجامعة العربية عملهم في حماة وريفها، بوتيرة عالية ودون أي معوقات، حيث انقسم المراقبون إلى فريقين:
الأول انطلق إلى ثانوية الأمام أبي حنيفة النعمان الشرعية للبنين، في حي الأندلس بمدينة حماة، التي تعرضت للحرق والسرقة من قبل المجموعات المسلحة، حيث عاين فريق المراقبين الحواسيب والأضابير، ومكاتب أمانة السر والتوجيه المحروقة، والتي تم اكتشاف حرقها صباح أمس، أثناء قدوم الطلاب لأداء الامتحان النصفي.
وأكد مدير أوقاف حماة عبد الباسط سليمان لـ«الوطن» أن التحقيقات الأولية التي قام بها قسم شرطة المحطة، تفيد أنه قد مضى على هذا الحريق 24 ساعة، وأن الثانوية الشرعية تضم 125 طالباً، والتحقيق مستمر لمعرفة المزيد من التفاصيل حول أسباب وملابسات الحريق والذين قاموا به.
كما جال هذا الفريق في حي الحميدية في منطقة الحاضر، المعروف بسخونته وخروج تظاهرات يومية فيه، والتقى العديد من قاطنيه المناوئين للنظام والمؤيدين له، وسط تكتم شديد وبعيداً من أعين الإعلاميين.
أما الفريق الثاني من المراقبين فقد انطلق إلى ريف حماة الشمالي الشرقي، لمعاينة مخفر معر شحور الذي أقتحمه مسلحون، صباح أمس، ما أدى إلى إصابة عنصر من قوات الشرطة، وسرقة بنادق حربية وذخيرة.
وذكر مصدر رسمي أن مجموعة مكونة من 15 مسلحاً يستقلون سيارتي بيك آب، هاجمت المخفر، وأصابت حارساً من حراسه بطلق ناري بالبطن، ثم اقتحمته وسرقت 5 بنادق رشاشة ومسدساً حربياً وذخيرة، وقد نقل الشرطي المصاب إلى مشفى حماة الوطني، لتلقي العلاج اللازم.
كما عاين المراقبون في المشفى المذكور أيضاً، جثة شرطي كانت محفوظة في براده منذ أشهر، بعد التعرف على هوية صاحبها بتحليل حمضه النووي، الذي أكد أنه الشرطي حسان ديب المصطفى من مواليد طرطوس، والعامل في قسم شرطة الحاضر بحماة، وقد تعرض للقتل والتمثيل بجثته التي رميت في العاصي من على جسر الضاهرية، بالإضافة إلى معاينة جثث أخرى لمَّا تزل مجهولة الهوية ومحفوظة في براد المشفى.
وقد أعرب عدد من المراقبين عن أسفهم الشديد لمشاهداتهم تلك، وللوضع الحالي الذي تشهده حماة.
وفي فندق بسمان، التقى المراقبون عدداً كبيراً من المواطنين الذين تضرروا من الأحداث المؤسفة، في مكتبهم الخاص الذي أحدثوه لهذا الغرض، والعديد من أسر وذوي الشهداء الذين استشهدوا برصاص مسلحين، واستمعوا إليهم بدقة أثناء عرضهم لظروف وملابسات استشهاد أبنائهم أو أزواجهن، وللجرائم المروعة التي ارتكبها مسلحون بحق أولئك الشهداء والتنكيل بهم والتمثيل بجثثهم.
في هذه الأثناء، تحدثت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن مرافقتها وفداً من ذوي ضحايا العنف والإرهاب لدى لقائه فريق المراقبين العرب في حماة، الذي تم دون حضور إعلامي من فضائيات ولا من قبل صحافة أو غيرها.
وقالت الشبكة في بيان إن الوفد شرح كيف تعرض الشهداء للكمائن والقتل والذبح على يد المجموعات الإرهابية مع شهادة الشهود على صحة ذلك.
كما استمع المراقبون إلى بعض الذين تم اختطافهم وتحريرهم، وسأل: هل تم التحرير بفدية أم بدون فدية أم الجيش وقوى حفظ النظام من قام بتحريره، وهل عذبوا أثناء اختطافهم، ونوع التعذيب والعنف الذي مورس عليهم، ومدة الاختطاف، وهل بين ذوي الضحايا من اختطف ومات أثناء اختطافه بيد المجموعات المسلحة الإرهابية، بحسب البيان.
وأملت الشبكة من وفد الجامعة أن ينقل بكل أمانة ونزاهة ما رأته عيناه وما سمعته أذناه من ذوي الضحايا سواء في حماة أم في غيرها.
