الوسط الثقافي والفني يفقد نخبة أدبية وفنية خلال العام الماضي
فن, منوعات, ن, i 1:30 م
وكالة الأنباء السورية "سانا"
مر عام 2011 حزيناً ومؤلماً على الوسط الثقافي والفني في سورية حيث خسر جمهور الفن والثقافة والشعب السوري عموما شخصيات أدبية وفنية قدمت للوطن إبداعات جلة في مختلف الاختصاصات وتركت خلفها إرثاً خالداً للأجيال القادمة والتاريخ.
وبين الراحلين قامات فقد الفن والأدب خبراتها الواسعة وحضورها الفاعل كالشاعر يوسف الخطيب والناقد الأكاديمي عبد الكريم الأشتر والأديب مدحة عكاش والموسيقار معن دندشي كما بينها طاقات كانت لا تزال في قمة عطائها وإبداعها كالمخرج عمر أميرالاي والمطربين فؤاد غازي وأسعد جابر والمسرحي جمال جمعة.
ففي الثالث والعشرين من شهر كانون الثاني من عام 2011 توفي الفنان والمخرج المسرحي جمال جمعة في محافظة الحسكة عن عمر ناهز 52 عاما إثر نوبة قلبية حادة وهو الفنان المكافح بجدارة والذي بدأ نشاطه مع المسرح العمالي منذ منتصف السبعينيات ثم عمل في مسرح الشبيبة كممثل ومخرج وقدم العديد من الأعمال المسرحية لليافعين منها أبو القاسم الطنبوري عودة راحل السمكة الذهبية الظلال المحترقة البئر المهجور وحصد العديد من الجوائز وكان الراحل جمعة من مؤسسي الحركة المسرحية في مدينة عامودا وقدم عدداً هاماً من الوجوه التمثيلية المسرحية على مستوى المحافظة والقطر.
وبعد يومين من غياب جمعة رحل الموسيقار السوري الكبير معن دندشي عن عمر ناهز 84 عاماً وهو من أوائل الفنانين الشعبيين والتراثيين في سورية وقدم بصوته الأصيل للإذاعة السورية أكثر من 80 أغنية كانت أهمها أغاني الوطن والانتماء وساهم دندشي في تأسيس فرقة أمية للفنون الشعبية بدمشق ومثل سورية في 84 دولة في العالم ولا ينسى الجمهور السوري والعربي أغنيته سمعت عنين الناعورة.
وفي الخامس من شهر شباط ودعت السينما السورية رائد الفيلم التسجيلي عمر أميرالاي إثر إصابته بجلطة دماغية عن عمر ناهز 65 عاماً وهو من قدم وثائق بصرية حية عن الحياة السورية منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي حيث وصلت كاميرته الحساسة إلى أبعد نقطة في الريف السوري مؤرخاً ايضاً تجارب ثقافية سورية هامة عن طريق السينما مثل التشكيلي فاتح المدرس والمسرحي سعد الله ونوس والسينمائي نزيه الشهبندر.
وفي الثاني عشر من آذار غيب الموت الفنانة أمل سكر عن سبعين عاماً وهي علامة فارقة في ذاكرة الفن السوري بما امتلكته من موهبة فنية متميزة وجمال آسر وحضور جعلها محط أنظار الوسط الفني في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حيث قدمت أعمالاً هامة مثل أسعد الوراق ودليلة والزئبق.
وغاب صوت الفنان أسعد جابر في مدينته الرقة في الرابع عشر من نيسان عن 62 عاماً وهو الذي عمل في المسرح والتلفزيون وكان صوته العذب حاضراً بقوة خاصة في السهرات التلفزيونية العديدة التي قدمها في التسعينيات.
بين الوداع والوداع لا يمر شريط ذكريات شخصي للفنان أو الكاتب وإنما تتراءى أعماله وعناوين كتبه أو صورته على خشبة المسرح وإنتاجاته وربما تبدو صورة تلامذته لتحقق معادلة التعويض فمن غاب ترك من يحمل الراية ومن دفن في تراب الوطن إنما غادر كجسد.
ودعت فلسطين سيفها الشاعر يوسف الخطيب في دمشق في السادس عشر من حزيران عن ثمانين عاماً وهو الشاعر الذي أرخ للقضية الفلسطينية بجراحها وثوراتها ومنفاها وعمل في العديد من الإذاعات كما أدار الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سورية وأسس دار فلسطين للثقافة والإعلام.
وفي السادس والعشرين من الشهر نفسه غادرنا الموسيقار الكبير سليم سروة عن ثمانية وسبعين عاماً ويعتبر سروة علما من أعلام الموسيقا الشرقية في سورية حيث ساهم في تأسيس الإذاعة السورية في دمشق منذ الخمسينيات وشغل منصب رئيس دائرة الموسيقا في الاذاعة ودرس آلة القانون في معهد صلحي الوادي وكان عازفا متميزا لهذه الآلة على صعيد الوطن العربي وشارك السيدة فيروز والفنان وديع الصافي في معظم حفلاتهما وتسجيلاتهما الإذاعية كما طلبت منه سيدة الغناء العربي أم كلثوم بكتاب رسمي رئاسة فرقتها الموسيقية إثر وفاة عازف القانون المرافق لها آنذاك محمد عبده صال وترك سروة خلفه ما يقارب 900 لحن غنائي ومن الألحان الموسيقية 195 لحناً موزعة في أنحاء الإذاعات العربية.
وفقدت الدراما السورية في الثالث عشر من تموز الفنان حسن دكاك عن 56 عاماً بعد تجربة عريقة في المسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما بشخصية ذات كاريزما خاصة قدمت أعمالاً لا تمحى من الذاكرة كدوره في فيلمي الكفرون وأحلام المدينة وفي مسلسلات أسعد الوراق هجرة القلوب إلى القلوب حمام القيشاني سلسلة مرايا باب الحارة وغيرها وكان قبل وفاته قد أتم مشاهده في أكثر من سبعة أعمال درامية لعام 2011.
وفجع الفن السوري بغياب الصوت الجبلي الأصيل فؤاد غازي في الثاني من آب عن 56 عاماً وهو من أهم الأصوات الفنية في سورية على صعيد الغناء الشعبي والجبلي حيث كرس حياته لهذا المجال منتقياً أجمل ما كتب من الشعر الشعبي ليقدمه على شكل أغان حفظتها الأجيال ورددتها من بعده الكثير من الأصوات في سورية ولبنان ولعل أغنيتا لزرعلك بستان ورود وتعب المشوار خير مثال على ذلك.
وتركت أنامل صبحي جارور الكمان في الثاني والعشرين من آب عن سبعة وستين عاماً وهو أحد أهم عازفي الكمان الذين رافقوا كبار المطربين العرب مثل محمد جمال وديع الصافي صباح محمد عبد المطلب كارم محمود شريفة فاضل سميرة توفيق وغيرهم ووضع مجموعة كبيرة من المقطوعات التي تشكل إرثاً كبيراً للموسيقا السورية.
وفي الثامن من تشرين الأول فارق الباحث والأديب الكبير عبد الكريم الأشتر الحياة عن 82 عاماً ويعتبر علماً من أعلام النقد والبحث في مجال الأدب العربي في سورية والوطن العربي حيث لعب دوراً أكاديمياً كبيراً في مجال الدراسات الأدبية والفكرية ومثل جامعة دمشق في كبرى المؤتمرات العلمية الدولية خارج سورية وحصل على جوائز كبرى وترك في المكتبة العربية خيرة المؤلفات مثل النثر المهجري وفنونه دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل البيت نصوص مختارة من الأدب العباسي غروب الأندلس شجرة الدر دراسات في أدب النكبة وغيرها.
وودعت محافظة السويداء الموسيقي فوزي عليوي في الحادي عشر من تشرين الأول عن 67 عاماً بعد تجربة فنية كبيرة قدم خلالها مجموعة كبيرة من الألحان التراثية التي رافقت أرق الكلمات مثل خاتم حبيبي لكتب ورق وأرسلك.
وغاب عن الوسط الإعلامي والثقافي آخر رواد مؤسسي الصحافة الثقافية مدحة عكاش في العشرين من تشرين الأول عن 88 عاماً وهو الذي أسهم في ترسيخ تقاليد العمل في الصحافة الثقافية السورية منجزاً عشرات الدراسات والكتب والتحقيقات الأدبية والشعرية في الترجمة والأدب المقارن والتراث وهو مؤسس مجلة الثقافة التي استطاعت جمع أقلام كتاب الستينيات من أمثال عمر أبو ريشة ونزار قباني الذي نشر أولى قصائده على صفحاتها.
وفي الثلاثين من تشرين الثاني غيب الموت الكاتبة الكبيرة قمر كيلاني عن 83 عاماً وهي من أهم الأسماء الأدبية في سورية في مجال الرواية والقصة والبحوث والتي عملت فترة طويلة من الزمن على إرساء دعائم الثقافة السورية من خلال منجزها الأدبي ومشاركتها في المؤسسات الثقافية كاتحاد الكتاب العرب.
Syria a2z news