النصر لشامنا ويمننا ولا نصر للبحرين .. تفاصيل العرض القطري لتسمية الجمعة
3, قضايا, i 12:20 م
بعدما أكدت كبرى وكالات الأنباء وعلى رأسها وكالة الأنباء الفرنسية وعلى لسان من يسمون أنفسهم محركي الاحتجاجات في سوريا أن التظاهرات انحسرت بشكل كبير وأن أعداد المحتجين قد تقلصوا والمناطق التي كانت تشهد اضطرابات قد هدأت، شعرت قناة الجزيرة (الممولة من الديوان الأميري القطري) أن الوضع قد عاد للهدوء، وهذا ما لا تشتهيه.
وقد توافقت رغباتها مع رغبات من دعى للحماية الدولية والتدخل العسكري في سوريا ممن يسمون أنفسهم معارضين للنظام السوري بقيادة فداء السيد صاحب صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد الذي أقرن صفحته بعام 2011 لأنه وبحسب التوجيهات التي ينفذها فإن القصة ستنتهي في العام 2011، وسيسيطر المتشددين من المسلمين على مقاليد الحكم في سوريا وجعلها دولةً إسلامية يتربع على عرشها إبن السيد، وهذا ما ظهر جلياً إثر ابتعاده عن المجالس الانتقالية وتركه المعارضات تتصارع مع بعضها لاعتقاده بأن من وعده سيفي وعده بجلبه إلى سوريا على ظهر طائرة لحلف شمال الأطلسي، ولكن الأمور لا تجري على ما يبدو كما يشتهي.
بعد تكشف وجهه واستجداه التدخل الدولي بتسمية جمعة الحماية الدولية عاد لنا فداء السيد بتسمية لهذه الجمعة تحت إسم جمعة النصر لشامنا ويمننا مستثمراً الجانب الديني ومبرراً توحيد التسمية بأنها أتت اقتباساً من الحديث الشريف (عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا....إلخ" (صحيح البخاري).
ومصطلح (الخ) الوارد أعلاه لسنا من أوردناه وإنما نشرناه كما عممه فداء السيد على وسائل الإعلام المعارضة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، لأن للحديث الشريف تتمة تتعلق بعدم مباركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نجدنا.
ولكن ارتأى فداء السيد وبتوجيه قطري أن يعممها فلا وقت يجب هدره ولا أحد سيسأل من معارضة صالح.
ولكن ما مصلحة اليمنيين من تسمية جمعتهم بالنصر لشامنا ويمننا؟
الحديث الشريف يدعو لله أن يبارك بالشام واليمن ولا يحسمها نصراً كما سماها جماعة السيد ومن يقف خلفه، إذاً المبرر الديني هو للفت الأنظار فقط.
في بيانهم تطرقوا للوحدة العربية مشيرين أن توحيد التسمية يندرج ضمن إطار الوحدة العربية، ولكن أليست البحرين دولةً عربية وتشهد ثورةً سلمية لا سلاح فيها كالذي حمله مجرمون في سوريا صفوا فيه عقولاً وقتلوا نخبةً من ضباط وصف ضباط وأفراد من الجيش السوري وما زال محمد رحال يدعو للتسلح.
لم نقف عند التحليل وحسب بل ذهبنا إلى أبعد من ذلك واستفسرنا في موقع شوكوماكو عما إذا تلقت المعارضة البحرينية عرضاً مشابهاً للعرض الذي تلقته قيادات المعارضة اليمنية وفداء السيد بطل فيلم ما يسمى بالثورة السورية – وسنذكر العرض لاحقاً-.
في اتصالات هاتفية أجراها موقع شوكوماكو مع قيادات في المعارضة البحرينية التي لا نبوح سراً إذا قلنا أننا ننشر جميع بياناتها وتوقفنا مطولاً في أخبارنا عند الإنتهاكات لحقوق الإنسان التي تمارسها السلطات البحرينية واعتداءات قوات درع الجزيرة على المدنيين في البحرين، اتصلنا بقياداتهم واستفسرنا ما إذا كانوا قد تلقوا اتصالاً من فداء السيد أو من شخص يمني ينوب عنه أو حتى عرض قطري ما يدعوهم لتسمية جمعتهم بجمعة "النصر لشامنا ويمننا وبحريننا" من قبيل الوحدة العربية، لكن أحداً منهم لم يتلقى أي اتصال أو حتى بريداً الكترونياً في هذا الخصوص، لا بل أكدوا على تسمية جمعتهم بجمعة الديمقراطية مطلبنا وهذا الأمر متفق عليه فيما بينهم.
إذاً لم يتصل بهم أحد لا من الإخوان ولا من اليمنيين ولا حتى القطريين، قد يتبادر لذهن القارئ أن تغيير الإسم (Rebranding) قد يسيء للحملة الإعلامية المرافقة له في البحرين، وهذه حقيقة في علم التسويق، وعليه لم يتصل أحد بهم لأنه يتوقع أنهم لن يوافقوا كونهم قرروا التسمية، ولكن بالتأكيد لم يكن هذا السبب، فالأشقاء في المعارضة اليمنية كانوا قد أعلنوا عن تسمية جمعتهم القادمة – أي اليوم- تحت اسم (جمعة قادمون) لكنهم استبدلوا قادمون بتسمية النصر لشامنا ويمننا، علماً أنهم كانوا قد جهزوا اللافتات التي سترفع وأعلنوا عن الإسم، وجهزوا الصور التي ستوضع على صفحات الفيس بوك، ولكن كل شيء تغير بقدرة قطرية.
ولكن كيف ولماذا وما هي قصة العرض والتهديد؟
القصة بدأت من الثالث والعشرين من الشهر الحالي، أي من يوم الجمعة الماضي، الذي شهد هدوءاً غير مسبوق في سوريا منذ ستة أشهر، حيث خرجت أعداد قليلة ولم تشهد البلاد أعمال تخريب وتظاهر كما جرت العادة، وإنما شهدت بعض المناطق ظهور عصابات مسلحة ارتكبت جرائم بحق قوى الأمن وعناصر الجيش.
قتل الجيش والأمن لا يشكل قصةً خبرية للجزيرة ولا يسقط نظاماً وإنما يؤكد على أن التظاهرات تشهد أعمال عنف وقتل ودموية من قبل مسلحين، وبالتالي تحتاج الجزيرة لصورة تظهر أن السوريين خارجين عن بكرة أبيهم منتفضين ضد قيادتهم وتستمر آلة التجييش الإعلامي ولكنها لم تجد ما تطمح له.
وبعد أن انتهت صلاة الجمعة بحوالي الساعتين يظهر على موقع الفيس بوك وعلى تعليقات صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011 عبارة جاء فيها:
من يستطيع إيصال الاقتراح لباقي التنسيقيات... نقترح أن يتم الإتفاق مع الإخوة اليمنيين على تسمية موحدة في الجمعة القادمة (30 أيلول) مثل "اللهم بارك في شامنا ويمننا" أو أي تسمية أخرى تدل على أننا بالرغم من الآلام لا ننسى أوجاع غيرنا.. والجمعة التي بعدها تكون "جمعة الغضب العربي لسوريا واليمن".
بعد أن بدأ هذا التعليق ينشر على صفحة الثورة السورية بيومين دخل أعضاء هذه الصفحة والمعروف عنهم كثرة حساباتهم الوهمية على الفيس بوك لينشروه على الصفحات اليمنية المعارضة لنظام صالح.
وهنا تبدأ تتكشف الأوراق التي أوضحها لنا مصدر من قيادات الحوثيين في اليمن، حيث قال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أنهم شاهدوا المعارضة السورية تدخل إلى جميع صفحات المعارضين اليمنيين بمن فيهم الحوثيين وينشرون هذه العبارة وبكثرة، ولكن أحداً لم يكترث من المعارضة اليمنية لهذه القضية كون التسمية المقررة هي جمعة (قادمون)، وهذا الأمر محسوم.
ولكن يوم الإثنين تلقت قيادات المعارضة اليمنية اتصالاً من محمد قحطان - الناطق الرسمي بأسم تكتل أحزاب اللقاء المشترك اليمني أخبرهم فيه بأن فداء السيد اتصل به وأخبره بأن توحيد التسمية سيخدم الثورة اليمنية والسورية، وسيشد أنظار العالم لهذا الحدث، وطلب منه التشاور مع المعارضة اليمنية في هذا الخصوص، ولكن قحطان أخبره بأن التسمية في اليمن قد تم الإتفاق عليها ولا يمكن الرجوع عن هذا الأمر، وهو قابل للنقاش في الأسبوع القادم. إلا أن السيد أصر على طلبه، شارحاً له المكاسب، ولكن قحطان كان حاسماً في الموضوع، والكلام للمصدر.
ويتابع المصدر اليمني، في اليوم التالي تلقى قحطان اتصالاً من شخصية قطرية بارزة – رفض المصدر الكشف عنها - نقلت للقحطان رغبة أمير قطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بأن تتوحد تسمية جمعة اليمن مع جمعة سوريا، ووعد بتقديم خدمات للمعارضة اليمنية في حال وافقوا، وإلا ستكون حصتها الإعلامية في التغطية من قبل قناة الجزيرة أقل من حصة البحرين، وعليه أن يرضخ، مانحاً إياه مهلة دقائق ليعطيه الجواب، ولكن قحطان أعلمه بأنه ليس صاحب القرار في الموضوع وعليه أن يجري مشاورات مع المعارضة اليمنية، فكان له ما أراد.
ويضيف المصدر أن الاتصالات بدأت بين قحطان وأطياف المعارضة اليمنية التي بدأت بدورها بمناقشة العرض والتهديد القطريين، فلم تبدي المعارضة أي مانع باستثناء الحوثيين الذين رفضوا الأمر بدايةً، لكنها عادت ووافقت حتى لا يكبر الشرخ بين أطياف المعارضة، مع التأكيد من امتعاض الحوثيين من التسمية ولم يخف الحوثيين هذا الامتعاض بل أعلنوه أمام الجميع مما تسبب بانزعاج المعارضة اليمنية والقطريين، فما كان من الحوثيين إلا أن يصدروا نفياً يوم الخميس على لسان ممثلهم في اللجنة التنظيمية علي العماد و جاء فيه:
نفى علي العماد عضو اللجنة التنظيمية ممثل الحوثيين في اللجنة التنظيمية ماتناولته بعض وسائل الاعلام عن رفض الحوثيين لتسمية يوم الجمعة القادمة "اللهم بارك في يمننا وشامنا" وأكد أن هذا الإسم لم يطرح للنقاش أصلاً في اجتماع اللجنة التنظيمية واستغرب الاستاذ علي ماتروجه بعض وسائل الاعلام من افتراءات وأكاذيب لا أساس لها من الصحة، وحذر من أن هناك طابور خامس يسعى لتفريق صف مكونات الثورة اليمنية، وأكد أن أعضاء اللجنة التنظيمية اتفقوا على تسمية الجمعة القادمة "قادمون" وكان اقتراح الإسم من أحد أعضاء اللجنة التنظيمية ولم يكن من اقتراح ممثل الحوثيين نهائياً.
ولم يبقى إلا أن نشير إلى أن قرب ألوان العلمين السوري واليمني سيكون عنصراً هاماً في إغناء صورة الجزيرة، ومن هنا ندرك استبعاد البحرين، ناهيك عن تعاطف أمير نظام قطر مع النظام البحريني برمته ضد شعبه.
فهل ستكون جمعة النصر لشامنا؟
أم أن شامنا مباركة منصورة بعون الله من دون تسمياتهم؟