من بن لادن إلى بلحاج والإخوان.. التهديد الأمني وضرورات التصفية



تناقلت تقارير إعلامية أنباء عن انتقال مجموعات من المقاتلين الليبين بقيادة المتطرف عبد الكريم بلحاج إلى تركيا تمهيدا لإدخالهم إلى الأراضي السورية، وتتعمد هذه التقارير التركيز على أن قدوم هؤلاء المتطرفون هو مساعدة من المجلس الانتقالي الليبي لمجلس اسطنبول للقتال ضد الشعب السوري لصالح الإخوان المسلمون في سياق "ثورجي".

 وأمام هذه الدعاية الإعلامية المشوهة، من الضروري العودة إلى ما قبل الحدثين الليبي والسوري الأخير والتعامل مع الأمر في سياقه الواقعي والتاريخي ومخاطره على الأمن السوري.

 إن حقيقة هذا التعاون، بحسب المتابعين للشأن السوري، هو أكثر من مساعدة "ثورجية" بين المجلسين، بالنظر إلى أن عبد الكريم بلحاج وعناصره من المتطرفين ينتمون في الأساس إلى ما يسمى "الجماعة الإسلامية للقتال في ليبيا" وهي التي تولت قيادة العمليات العسكرية القذرة خلال مرحلة تدمير ليبيا وارتكبت العديد من المجازر بحق الليبين وصلت إلى حد تقطيع الجثث وبقر البطون وفقىء العيون، وتقطيع الأثدية في القرى التي بقيت موالية للعقيد معمر القذافي، وهذه المجموعة ترتبط ارتباطا وثيقا بتنظيم "القاعدة" الإرهابي.

 ويرى مراقبون أن الأرضية الحقيقية لهذه "المساعدة" هو أن "جماعة الإخوان المسلمون في سوريا" التي طلبت المساعدة من "الجماعة الإسلامية للقتال في ليبيا"، تنتمي إلى الأصل ذاته، وهم بالفعل "أشقاء" لجهة المنشأ والهدف ومصادر التمويل والتدريب منذ ثلاثة عقود وكانتا جزءا من "سياسية الإحتواء الأميركية" Strategy of Containment التي تضمنت في إحدى أدواتها الميدانية إنشاء وتمويل جماعات إسلامية متطرفة تحارب المد الشيوعي للاتحاد السوفييتي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

 وللتذكير فإن تلك الفترة هي الفترة ذاتها التي تم فيها إنشاء "القاعدة" في أفغانستان بإشراف أميركي سعودي، وكانت بداية ظهور أسامة بن لادن، عملا أن تسمية "القاعدة" جاءت من الاسم الذي كانت تطلقه المخابرات الأميركية على قصر بن لادن في أفغانستان والذي تحول إلى مركز لتدريب المقاتلين وتسليحهم للقتال ضد الجيش السوفييتي في حينها.

 اليوم، بات من المعروف أنهم الجماعتين، كغيرهما من المجموعات الإرهابية المتطرفة، قد جددوا صفقتهم التاريخية مع الولايات المتحدة لبيع الحقوق السورية والعربية جميعها لإسرائيل مقابل الحصول على السلطة في دول المنطقة، وذلك بغطاء تركي سعودي قطري، لأجل التمويل حاليا لكون الولايات المتحدة تعاني أزمة اقتصادية وغير قادرة على تمويل حروب جديدة، ولكون هذه الدول الثلاث قد تولت مشروع تقسيم المنطقة طائفيا.

 إن البعد الأخطر في كل هذا، وكما كان الأمر في الثمانينيات، هو أن وجود هذه الجماعات المتطرفة، التي تشكل وباء فكريا ودينيا واجتماعيا، يعتبر تهديدا للأمن القومي لجميع دول المنطقة، وبالتالي فإن التعاطي معهم يجب أن يتم وفق الأسلوب التاريخي ذاته، أي بالقضاء على أصولهم وقطع أذرعهم القتالية مهما كلف الأمر.

 وفي سيقا ربط ما يحدث في سوريا بالأدبيات الغربية، يلفت المراقبون إلى أن الحديث عن "الحرب العادلة" دفاعا عن الأمن القومي قد شكل أساس التنظير الغربي للحروب التي خاضتها الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، ضد بقية الشعوب، ووضعت على أساسها مواثيق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومنحت واشنطن الغطاء لإعلان "الحرب على الإرهاب"، ومنح الدول المذكورة الغطاء القانوني لهذه الحروب لكون "الأعداء" يشكلون تهديدا للأمن القومي لدول الغرب. وبالتالي امتلكت تلك الدول "الحق" في خوض حروب وتوجيه ضربات عسكرية في الطرف الآخر من العالم لـ"حماية أمنهم المهدد"، رغم كل ما تكشف عن التواطؤ الحاصل بين واشنطن و"القاعدة" بهدف إيجاد الذرائع القانونية للولايات المتحدة لشن حروب السيطرة على المنطقة.

بالنسبة لسوريا، التي لا تمتلك أية نزعة توسعية، ولم تقم بحروب عدوانية أو احتلالية لأية بلد في العالم، يؤكد المراقبون أن الأساس القانوني حول "الحرب العادلة"، الموجود في ميثاق الأمم المتحدة ذاته، يمنحها الحق في إعلان الحرب ضد جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وكذلك ضد الجماعية الإسلامية للقتال في ليبيا، لكون هاتين الجماعتين تشكلان اليوم تهديدا مباشرا للأمن القومي السوري. وإن القانون الذي منح الولايات المتحدة الحق في ملاحقة قيادات "القاعدة" في كل بقاع العالم وتصفيتهم هو القانون ذاته الذي يمنح سوريا الحق في ملاحقة قادة الجماعتين المذكورتين وتصفيتهم في أية بقعة من العالم.

Syria a2z news _ shukumaku

أخبار ذات صلة



0 التعليقات for من بن لادن إلى بلحاج والإخوان.. التهديد الأمني وضرورات التصفية

إرسال تعليق

syria a2z news (c) 2011 All Rights Reserved