عائلات لاذقانية طالها التشرد لأنها لم تخرج للتظاهر

سامي زريقة- العربي برس


أن يعيش الإنسان مشردا فاقداً لحنان الأبوين و لدفء الأسرة و فاقداً للمأوى يقتات من مخلفات الآخرين, يتوسد الأرض و يلتحف السماء, فربما يكون أمراً طبيعياً وقد نقول أن هذا هو قدره ونصيبه من الحياة ولكن ما حصل في محافظة اللاذقية أمر مختلف تماماً حيث تشردت عائلات وهي الآن تعيش حالة البؤس والحرمان لأنها لم تخرج للتظاهر أيام الأحداث التي حصلت في المدينة.

 قد يوجد مشردون في كل المجتمعات و بأعداد مختلفة و في أوضاع مختلفة لكن أن يكون السبب في تشردهم أنهم لم يتظاهروا ولم يقوموا بأعمال مسلحة فهذا ما يحمد عقباه و هذا يشكل وصمة عار في جبين "السلمية" التي تحدثوا عنها


 ما حصل لتلك العائلات إهانة ما بعدها إهانة لإنسانيتهم ولحقهم في تقرير مصيرهم في بلد يمتلكون حق العيش فيه شأنهم شأن أي عائلة وأسرة فإذا هم هائمون على وجوههم لا يدرون ماذا سيكون بانتظارهم غداً إذا كانوا يعتقدون أن هناك غداً حيث أصبحوا يتوسدون الثرى ويتغطون بالكراتين.


 أحد أرباب تلك الأسر غطى وجهه خجلاً عندما حاولنا تصويره لكنه صرخ بعدها " انظروا ماذا فعل بي المتظاهرون" وبدأ بسرد قصته فقال:


 اسمي (محمد. س) من سكان الرمل الجنوبي بمحافظة اللاذقية كنت أعمل أجيراً في مقهى... وعندما بدأت الأحداث في المدينة أي عندما بدأ بعض الناس بالخروج للتظاهر امتنعت و أسرتي عن الخروج معهم لأنني لم أكن مقتنعاً بصواب ما يفعلون فكان جزائي أن أتلقى السباب والشتائم كل يوم وأنا في طريقي إلى عملي ولأن الذين كانوا يشتمونني ملثمين ويركبون دراجات نارية لم أستطع تقديم شكوى بحقهم واقتنعت أنه لا حل لدي إلا بالصبر.


 لكن الموضوع لم يقف عند هذا الحد ( يتابع محمد) حيث بدأوا بالتحرش بزوجتي وهي في طريقها إلى عملها وكانوا ينعتوني بالخائن أمامها أو يلقبونها بزوجة الخائن وبدأوا بمضايقتي كثيراً مستغلين أنني من محافظة أخرى وأقاربي غير متواجدين في المحافظة نفسها ثم تطورت الحالة ليعتدوا علي بالضرب وتهديدي بخطف أولادي وقتلهم لأنني لم أتظاهرمعهم فما كان مني إلا أن أخرج من البيت الذي أسكن فيه بالإيجار رغم أنني أسكن المنطقة منذ حوالي العشر سنوات واعتدت عليها حيث اضطررت إلى تغيير عنواني وعملي خوفاً من الملثمين.


 تؤكد زوجة محمد كلام زوجها وتضيف كنا نتوقع قدومهم في أي لحظة لضربنا وربما لقتلنا ولهذا غيرنا موقع سكننا حتى أننا اضطررنا لنقل أثاثنا في الليل مخافة أن يتعرض لنا أحد بسوء.


 لكن السيد (عمر. ب) يحكي قصة أخرى عن التشرد الذي تعرض له جراء امتناعه عن المشاركة في المظاهرات فيقول:
 كنت أعمل في أحد الأفران وكان راتبي الشهري لا يكفيني وعائلتي على اعتبار أننا نسكن بالإيجار فطلبت من أحد أصدقائي تأمين عمل آخر لي فأجابني بأنه سيبحث لي عن عمل ففوجئت في ليلة أحد الأيام عندما كانت زوجتي تزور أهلها بأن هناك من يطرق باب بيتي وعندما فتحت لم أرى أحداً لأنهم كانوا ملثمين حيث دخلوا بيتي عنوة وأجبروني على الركوع أمامهم بقوة السلاح وعرضوا علي أن أتظاهر معهم وحمل السلاح مقابل مبالغ مالية ضخمة وأعطوني ما سموه دفعة على الحساب ومهلة للتفكير في الموضوع وبدأت الوساوس تأخذني وتلعب بي لكنني اهتديت في نهاية المطاف إلى أن ما يفعلونه حرام وعندما واجهتهم بفكرتي هذه قاموا بضربي وتهديدي بالقتل إن لم أتراجع وأعود إلى جادة الصواب برأيهم وأعطوني مهلة أخرى للتفكير بالموضوع لكنني رفضت فقاموا بالاستيلاء على ممتلكاتي الشخصية وسلبوها وقاموا بحرقها بعد أن اختطفوني ثلاثة أيام وأخرجوا زوجتي من المنزل وضربوها وأنا الآن أنام في العراء لا بيت لي ولا مأوى وزوجتي في بيت أهلها.


 والسؤال الذي يطرح الآن وبقوة أين سلمية المظاهرات التي تحدثوا عنها ولو كانت سلمية كيف يسقط هذا العدد الكبير من الضحايا بين أفراد الجيش والشرطة وكيف تشردت تلك الأسر التي لا تجد لها مأوى بعد الآن بسبب خوفها من المتظاهرين وممارساتهم اللاإنسانية.
 

أخبار ذات صلة



0 التعليقات for عائلات لاذقانية طالها التشرد لأنها لم تخرج للتظاهر

إرسال تعليق

أدخل بريدك واشترك معنا بالنشرة الإخبارية:


.

syria a2z news (c) 2011 All Rights Reserved