سوريا تعتمد «الاقتصاد الأخضر» بما يحقق أمنها الغذائي والاقتصادي والبيئي حتى 100 عام




لم يعد الإنتاج في عالم اليوم مقصودا لذاته بمعنى كم تنتج بل كيف تنتج وأين وبأي موارد وانعكاسات بيئية فقد تحقق دولة ما معدلات إنتاج زراعية عالية ولكنها تستنزف موارد مائية كبيرة ما يؤدي إلى شح وندرة هذه الموارد وخاصة عندما يكون الإنتاج لفاكهة وخضار منخفضة القيمة الاقتصادية وهو مايعرف بـ كفاءة الري والتي تنخفض في العالم العربي إلى ما دون30 بالمئة.


وهذا الاتجاه دفع بمفهوم الاقتصاد الأخضر أو ما يعرف بـ/ جرين ايكنوميكس/ إلى واجهة الاهتمامات حول العالم ولعله يكتسب أهمية خاصة بالنسبة للاقتصادات العربية إذ وحسب تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية لعام 2010 فإن هذه المنطقة ستواجه نواقص مائية كارثية في وقت لا يتعدى عام 2015 فيما حذر التقرير نفسه لعام 2009 من أن أثر تغير المناخ سيضاعف خطر حدوث شح مائي وغذائي ومع ذلك فإن بعض البلدان العربية التي تمتلك أقل الموارد المائية العذبة المتجددة مازالت تسجل أعلى معدلات الاستهلاك الفردي على المستوى العالم.


وأبدت سوريا في السنوات الأخيرة ميلا واضحا للمضي نحو هذا النوع من الاقتصاد ومؤخرا أطلقت هيئة الاستثمار بالتعاون مع المبادرة الخضراء للتنمية في سوريا  ندوة حول مسارات التنمية الخضراء والخريطة الاستثمارية الخضراء بين عامي 2010/2025 وذلك في إطار السعي نحو الاستفادة من المقومات المتوافرة للاقتصاد الأخضر وخاصة أن سورية تأخرت في الدخول إليه.


وتقوم هذه المبادرة على استثمار الطاقات المتاحة حسبما ذكر الرئيس التنفيذي للمبادرة الدكتور محمد ديب لتحقيق أربعة أهداف أولها يتعلق بتحقيق الأمن الاقتصادي عبر استثمار يصل إلى 50 مليار دولار والثاني يتعلق بالأمن الاجتماعي عبر تشغيل أكثر من مليون ونصف المليون متعطل عن العمل والثالث الأمن الغذائي لتوفير السلة الغذائية السورية لمدة 100 عام مع توفير خط أمان من الفائض وأخيرا امن الطاقة عبر توفير الحاجة من الطاقة والتحول للتصدير وهو إنتاج الطاقة الفائضة البالغة 10000ميغاواط ساعي.


وتعمل هذه المبادرة على 13 مسارا أهمها ما يتعلق بتطبيق الإدارة الخضراء في قطاع الطاقة حيث يستنزف هذا القطاع 60 بالمئة من إيرادات الدولة ويصل الهدر فيه إلى 38 بالمئة في معظم المدن السورية كما يصل الهدر في قطاع الغاز إلى 90 بالمئة من قيمته الحرارية علما أن سورية من الدول الغنية في مصادر الطاقة المتجددة ومع ذلك فهي من الدول الخمس في العالم التي تعيش أزمة سنوية تضطرها لاستيراد الطاقة من دول الجوار.


أما الهدر في مياه الشرب فيصل إلى 35 بالمئة وفي قطاع الري إلى 80 بالمئة قياسا بالري الحديث وفي النفايات المنزلية يصل إلى 200 بالمئة مبينا أن كل هذا الهدر يحصل في الوقت الذي تصل فيها المساحة التي يمكن الاعتماد فيها على الطاقة الريحية في سورية إلى 54000 كم مربع وتوجد فيها مساحة 65000 كم مربع للطاقة الشمسية و55000 كم للمناطق الصالحة للزراعة البيئية وباعتماد الطاقة الخضراء يمكن زيادة الاستطاعة المركبة لمحطات التوليد بنسبة 30 بالمئة من خلال كمية الوقود نفسها.


وتتركز هذه المسارات في إنتاج الطاقة الكهربائية الشمسية والريحية ومشروع استثمار فائض مياه الأمطار في الساحل وسهل الغاب والعمارة الخضراء والكود الأخضر والمدن الخضراء ومشاريع حفظ الطاقة المنزلية وأنظمة توفير الطاقة والطاقة المتجددة في قطاع الزراعة والري وتطوير محطات الطاقة الغازية وإنتاج الطاقة ومشاريع غاز المدن وغاز السيارات والنقل الأخضر.


وكذلك مشاريع تطوير الشركات الصناعية وتحويلها لشركات خضراء ومشروع تطوير حقول النفط بتنقية الطاقة الخضراء /البلاسما/ ومشروع إنتاج الطاقة من الفحم والفحم الأخضر ومشروع الإدارة الخضراء للنفايات الصلبة إلى جانب الكتلة الحيوية وإنتاج الوقود الحيوي.


وتشمل استراتيجية الاقتصاد الأخضر عدة قطاعات أبرزها الطاقة البديلة / طاقة الشمس والرياح.. والوقود الحيوي / الأبنية الخضراء / مواد صديقة للبيئة ضبط وتخفيض استهلاك الطاقة والمياه / النقل المستدام /سيارات تعمل جزئيا على الكهرباء نقل عام/ إدارة المياه / إعادة استخدام المياه.. جمع مياه الأمطار / إدارة النفايات / إعادة التدوير.. معالجة النفايات السامة /إدارة الأراضي / زراعة عضوية.. إعادة تشجير.


ويعرف الاقتصاد الأخضر بأنه نموذج جديد من نماذج التنمية الاقتصادية السريعة النمو والذي يقوم أساسه على المعرفة للاقتصاديات البيئية والتي تهدف إلى معالجة العلاقة المتبادلة ما بين الاقتصاديات الإنسانية والنظام البيئي الطبيعي والأثر العكسي للنشاطات الإنسانية على التغير المناخي والاحتباس الحراري وهو يناقض ما يعرف بـ الاقتصاد الأسود والذي أساسه يقوم على الوقود الحجري مثل الفحم والبترول والغاز الطبيعي.


ويحتوي الاقتصاد الأخضر على الطاقة الخضراء والتي يقوم توليدها على أساس الطاقة المتجددة بدلا من الوقود الحجري والمحافظة على مصادر الطاقة واستخداماتها كمصادر طاقة فاعلة هذا عدا عن أهمية الاقتصاد الأخضر في خلق ما يعرف بفرص العمل الخضراء وضمانة النمو الاقتصادي المستدام والحقيقي ومنع التلوث والاحتباس الحراري واستنزاف الموارد والتراجع البيئي.


ووضع النظام العالمي الجديد خططا أساسية لإدخال مفهوم الاقتصاد الأخضر والتنمية الخضراء في قواعده فأصبحت المعايير البيئية من أهم الشروط التي يجب توافرها في السلعة حتى تدخل إلى الأسواق العالمية وأصبحنا نسمع بعبارات مثل التكنولوجيا والأبنية الخضراء والزراعة العضوية وغيرها.


ومارست بعض البلدان ضغوطا شديدة في هذا الاتجاه فمنها من وضع قيودا على دخول بعض السلع غير الملائمة بيئيا مثل.. السلع الملوثة للبيئة أو التي يقوم إنتاجها على أساس الاستغلال الجائر للموارد أو تؤثر على التوازن البيئي مثل.. تجارة جلود الحيوانات المعرضة للانقراض أو حتى المنتجات الغذائية الضارة صحيا والمنتجات الزراعية المستخدم في إنتاجها أسمدة كيماوية معينة أو المعدلة جينيا لذلك أصبحت المصانع والمزارع مضطرة أن تضع علامة على منتجاتها توضح أنها أنتجت بطريقة آمنة بيئيا أو تضع رموزا لشهادات اعتماد دولية للمنتجات التي تراعي الجوانب البيئية / شهادة الايزو/ البيئية 14000/ كما صممت المتاجر الخضراء التي توفر جميع المنتجات الخضراء للمستهلكين والتي أصبحت تلقى إقبالا كبيرا لتظهر البنوك الخضراء التي تشجع وتمول المشاريع البيئية

أخبار ذات صلة



0 التعليقات for سوريا تعتمد «الاقتصاد الأخضر» بما يحقق أمنها الغذائي والاقتصادي والبيئي حتى 100 عام

إرسال تعليق

syria a2z news (c) 2011 All Rights Reserved