لماذا تسكت السعودية عن احتلال إسرائيل لجزيرتي صنافير وتيران..؟
قضايا, ن, i 1:02 م

على الرغم من أننا نتمنى ألا يبقى أي شبر من أراضينا العربية محتلاً، ونسعى ما استطعنا لتوحيد الجهود من أجل استعادة هذه الأراضي، إلا أننا نستغرب حدّ الاستنكار مثلاً أن تتشدّق السعودية بوجوب تحرير الجولان وجنوب لبنان والأراضي المحتلة عام 1967 وتتهم الآخرين بالتقصير في استعادة أراضيهم، فيما تتناسى وتسكت عن احتلال إسرائيل لجزيرتي صنافير وتيران السعوديتين.
في عام 1967 ورغم خسارتنا للحرب وعدم التكافؤ واختلال ميزان القوة بين العرب وإسرائيل المدعومة أمريكياً، إلا أن الجيوش العربية، ولاسيما في الجبهتين السورية والمصرية، ألحقت خسائر لا يُستهان بها بالقوات الصهيونية المهاجمة، وفي حرب تشرين 1973 أنزل الجيشان السوري والمصري هزيمة كبرى بـ"الجيش الذي لا يُقهر".. وفي الحروب التي تلتها وخاصة في لبنان 1982- 2000- 2006 فإن الجيش السوري دعم المقاومة الوطنية وشاركها بعض المعارك، وتتذكر إسرائيل بمرارة معركة السلطان يعقوب عام 1982 التي حقّق فيها الجيش السوري ومعه المقاومة اللبنانية والفلسطينية انتصاراً كبيراً تمثل بتدمير عشرات دبابات الميركافا وإجبار القوات الصهيونية الغازية على التراجع بقتلاها وجرحاها.
إذاً سورية ومصر ولبنان لم تنسَ أراضيها المحتلة ولن تنساها، كما لم توفر جهداً بل قدّمت تضحيات كبيرة لاستعادة تلك الأراضي التي ستتحرر عاجلاً أم آجلاً، لكن ما الذي فعلته السعودية لتحرير جزيرتي صنافير وتيران الواقعتين في البحر الأحمر من رجس الاحتلال الصهيوني؟!.
نعتقد أن الاكتفاء السعودي بالسكوت والصمت على أمر يعرفه القاصي والداني هو رضا وتسليم بهذا الاحتلال، واللجوء إلى اتهام الآخرين هو طمس وتعمية على حقيقة، بالتأكيد، لا يرضى بها الشعب السعودي الذي ينظر بألم كبير إلى هاتين الجزيرتين اللتين تنازل عنهما آل سعود لحسابات إقليمية ودولية لا يعرفها إلا هم وشركاؤهم الصهاينة.
ولمن لا يعرف هذه الحقيقة نشير إلى أن هناك جزراً سعودية محتلة من قبل إسرائيل منذ 1967 وحتى يومنا، وهما: جزيرة تيران ومساحتها: 80 كم مربع، وجزيرة صنافير ومساحتها: 33 كم مربع.
والجزر لها موقع استراتيجي مهم للغاية بالنسبة لإسرائيل، لأنها تحرس منفذها الوحيد إلى البحر الأحمر، فالجزيرة الكبرى هي تيران والصغرى هي صنافير، لو وضعت أي دولة فيهما معدات عسكرية فستستطيع أن تشل حركة السفن الإسرائيلية عبر ميناء إيلات وخليج العقبة.
بعد اتفاقية كامب ديفيد خرجت إسرائيل (عسكرياً فقط) من هذه الجزر، ولكن لأهميتها الكبيرة فقد حرصت على أن تفعل شيئاً يجعل استغلال هذه الجزر في أمور عسكرية أو حتى تجارية شيئاً مستحيلاً، فقامت بتفخيخ الجزر بالألغام الأرضية بشكل يتعذّر معه الاستفادة من هذه الجزر في تعطيل إسرائيل، كما لجأت لضمان سلامة هذا المنفذ تماماً وبشكل لا يسبّب لها أي مشكلات مستقبلية، إلى اتفاق على أن تُدار هذه الجزر من قبل الأمم المتحدة عن طريق قوة متعددة الجنسيات تم فتح مكتب لها في تلك الجزر. وبالتالي فقدت السعودية سيادتها على الجزيرتين والمياه الإقليمية التابعة لهما، علماً إن لإسرائيل محطة إنذار مبكر ومراكز رصد (بحري وجوي) في جزيرة صنافير، وتؤكد وثائق سعودية أن هذه جزر سعودية 100% وليست مصرية أو إسرائيلية، وأنه بعد هزيمة 1967 تخلّت عنهما السعودية منعاً للإحراج وإقحامها في نزاع عسكري مع إسرائيل وأمريكا.
فيما تذكر وثائق أخرى أن الملك فيصل بن عبد العزيز قدّم هاتين الجزيرتين لمصر لاستغلالهما في إيقاف الملاحة الإسرائيلية وبعض الأعمال الحربية، حيث إن مصر كانت في حالة حرب مع إسرائيل، ثم احتلتهما إسرائيل عام 1967 وفي اتفاق كامب ديفيد رفض السادات تضمين هذه الجزر بالاتفاق لأنها جزر سعودية، حيث قال يومها: "الجزيرتين دول لإخوتنا في الحجاز.. وإحنا مش عاوزين نحطهم في الاتفاق"، وباتت السعودية ومصر كل واحدة ترمي مسؤولية الجزر على الأخرى.
من جانب آخر كشفت وثائق أمريكية أن هاتين الجزيرتين دخلت إليهما إسرائيل واحتلتهما فترة من الزمن في عام 1956 قبل أن تدخل مصر في مفاوضات مع الكيان الصهيوني بشأنهما، بينما لم يبدِ الجانب السعودي أي اهتمام، وهو الذي تعهّد للصهاينة أن تبقى تيران منزوعة السلاح، حيث قال إسحاق رابين حين ردّ على المبادرة السعودية التي عُرفتْ بالتعهد وكان وقتها سفيراً لإسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية: سنرتب هذه القضية ضمن اتفاق كبير بين البلدين أي إسرائيل والسعودية.. وبقي مصير ذلك الاتفاق مجهولاً حتى الآن.
بعد كل هذا تحاول السعودية اليوم أن تدفع عن نفسها تهمة العمالة (المبكرة) حين تتنازل عن أراضٍ من المفروض أن تكون تحت السيادة السعودية، بل وتفرط حتى بآمال الشعب السعودي باستعادة أراضيه المحتلة من قبل الكيان الصهيوني.