عريجي: أميركا خائفة من خروج مصر على "كامب دايفيد" وملاقاتها لسوريا في خط المقاومة




اعتبر عضو المجلس الأعلى (الرئيس الأسبق) في الحزب السوري القومي الاجتماعي جبران عريجي أنه "مع بدايات التحرك الاحتجاجية  في مصر، والذي انتهى في ما بعد إلى إنتفاضة كبيرة أدت إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، كان هناك مأخذ دائم على هذا الحراك السياسي والإجتماعي الكبير، وهو أنه غيب مسألة "كامب ديفيد"، وبالتالي غيب المسألة الوطنية بشكل عام، بما في ذلك مفهوم السيادة في العلاقة مع الأميركيين بصورة خاصة، ومع الخارج بصورة عامة".


وفي حديث إلى تلفزيون "nbn" السبت (10/9/2011) قال عريجي: "كنا نحاول أن نبرر للحراك المصري تغييبه مسألة المعاهدة مع العدو، وكنا نقول أن هناك نوعاً من البراغماتية لدى الإنتفاضة المصرية التي تريد أولاً استكمال إنجازها الداخلي، لكن هذه البراغماتية كانت من الطرفين، حيث كان تعاطي الولايات المتحدة الأميركية مع الحراك الشعبي المصري براغماتياً أيضاً، بمعنى أنها حاولت استيعابه من دون أن تسأل عن النتائج التي تخصها في المنطقة، وفي المقابل كان التحرك يسير بذكاء وبراغماتية، وهنا ظهر مصطلح جديد في السياسة وهو أنه ليس الدول وحدها براغماتية، لكن بإمكان الشعوب أيضاً أن تكون كذلك".


أضاف عريجي: "لكننا في الوقت نفسه كان لدينا نوع من الرهان، أن نمط هذا النوع من التحرك سيؤدي حتماً، عاجلاً أم آجلاً، إلى الاصطدام بالولايات المتحدة و"إسرائيل"، ولعل الإحساس نفسه كان سائداً عند العديد من الأطراف الغربية، بأن هذا المخاض سيؤدي إلى تبدل في هوية العلاقات الدولية، أو في السياسة الخارجية المصرية.


ورأى عريجي "أن الثورات عادة ترسم معالم مجتمع جديد، والذي شهدته مصر هو البداية المبكرة لفعل الثورة، ولكن من المبكر الحكم الآن على نتائج الثورة، إذ لا بد من إعطائها مدى زمنياً، فالثورات لا تكتمل بين ليلة وضحاها، بل هي تراكم نضالي، خصوصاً أن الثورة المصرية أظهرت أن هناك عصباً كبيراً لتنظيم "الإخوان المسلمين"، وأن هذا العصب استعجل في الظهور منذ بداية النشاط في ميدان التحرير، وقبل أن يتكلل الحراك بالنجاح الذي تمثل بإزاحة الرئيس حسني مبارك".


أضاف: "كان هذا الاستعجال كبيراً، لاسيما عندما سبق الإخوان كل الآخرين في تلبية الدعوة إلى الحوار مع السلطة السابقة، في حين كانت أطراف أساسية في الميدان ترفض أي مهادنة مع السلطة إبان المواجهات. وهذا ما تكرر ثانية في استعجال "الإخوان"  للتفاوض مع المجلس العسكري، ومن ثمّ الموافقة على التعديلات الدستورية من خلال المشاركة بـ "نعم" في الاستفتاء، الأمر الذي جعل الليبراليين المصريين، من يساريين وقوميين ومستقلين وتيارات المجتمع المدني والمثقفين يشعرون بنوع من خيبة الأمل من موقف الإخوان".


ولفت عريجي إلى"أن معظم الليبراليين وبعض المثقفين العرب يحاولون التودد إلى الغرب عبر الحديث عن الديمقراطية، ولكن للأسف، نشعر أن الغرب يتجه للقيام بصفقة سياسية مع حركة الإخوان المسلمين في الشرق، ولا نشعر أن نظرة الولايات المتحدة، أو نظرة الغرب المسيحي هي نظرة من يريد نقل المجتمعات العربية نحو مجتمعات مدنية، أو جعلها تتمتع بديمقراطية حقيقية، وهذا ما حدث مع كل الحركات الاستعمارية عبر التاريخ، كانت تدخل على الشعوب بحجة التحضر والدفع باتجاه الحداثة والتطوير، ولكن الاستعمار لم يأت يوما إلا بادعاء هذه الرسالة، وهذا ليس جديدا أن يدخلوا علينا بشعارات الحداثة ثم يدفعون بنا إلى الخراب".


أضاف: "هناك نظرية في الغرب تقول أن الدول الديمقراطية لا تتحارب في ما بينها، وأن مشكلة العالم العربي هي في غياب الديمقراطية، وأن الصراع العربي ـ "الإسرائيلي" ينتهي مع تحول العالم العربي إلى الديمقراطية، هذه نظرية خاطئة لأن "إسرائيل" كيان احتلالي واغتصابي، ومهما كان شكل الأنظمة في العالم العربي، أكانت ديمقراطية أو آحادية شمولية، فهي مضطرة ولا مفر لها من التصادم مع هذا الكيان الغاصب، فالعلاقة هنا ليست بين دول طبيعية، بل هناك دولة غير طبيعية وجدت وسط كيان عربي كبير وطبيعي".


وقال عريجي "أي ثورة لا تعانق فلسطين، تكون رديفة للشتاء، وليست ربيعا، وتحول أي ثورة إلى ربيع حقيقي لا يتحقق إلا في 
المشروع الوطني المقاوم والممانع، وفي استعادة أرض فلسطين، ذلك أن كل أزمات المنطقة وتراجعها وتفسخها حاصل نتيجة اغتصاب هذه الأرض".


وأردف عريجي قائلاً: "أن هذا لا يعني أن معركة فلسطين تؤجل النقاش حول المسائل الاجتماعية، بل إن المسألة القومية تأخذ أبعاداً أكثر جدية في الصراع عندما تتحصن بالمسألة الاجتماعية على قاعدة العدل الاقتصادي والحقوقي والاجتماعي، ولكن جل ما نخشاه هو أن مثقفي الأطلسي الجدد في هذه المنطقة، يحاولون طرح الأمور بمعزل عن أزمات المنطقة البنيوية على مستوى الاحتلال والاغتصاب والاستلاب الذي تمارسه الولايات المتحدة وأوروبا".


ورأى عريجي "أن اقتحام السفارة الصهيونية في القاهرة، أثبت ما كنا نراهن عليه من أن المصري إذا سعى إلى التغيير في الداخل لا بد له أن يطل على الملف الخارجي، ولكنه في المدى السريع لن ينجز أمراً مهماً يعادل إزاحة حسني مبارك، وهذا يحتاج إلى نضال طويل، فالاستراتيجية الأميركية تنحصر اليوم في كيفية إبقاء مصر ضمن إطار معاهدة "كامب دايفيد" فيما المصريون لا يريدون الإبقاء على هذه المعاهدة".


وأكد عريجي "أن أميركا خائفة بلا شك من خروج مصر من "كامب دايفيد" وعودتها إلى الحضن العربي، في وقت تبقى سوريا متماسكة في مشروع الممانعة والمقاومة، ومن هنا نرى شراسة الهجوم على سوريا كونها مركز الوسط في خط الممانعة، ولأن صمودها وتماسكها يوفر للمصريين الحوافز  لكي يلاقوا هذا الاتجاه، ولذلك نرى أن كل المطالب الغربية من سوريا مرتبطة بتحالفاتها الاستراتيجية (المقاومة في لبنان وفلسطين والعلاقة مع إيران)، ولو لم تكن سوريا منهمكة بوضعها الداخلي لكان المصري انطلق بسرعة أكبر باتجاه الخروج من كامب دايفيد".


وتابع: "هناك نوع من العلاقة الجدلية بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، وهي ليست معزولة عن بعضها، بهذا المعنى كنا نشعر أن الثورة ستصطدم حتما بالسياسة الخارجية للنظام المصري، خصوصاً أن ما حدث بعد إزاحة حسني مبارك أظهر للمصريين أن الرئيس تغير وبقي النظام، وهذا ما أربك الفريق المحتج والمتمرد على سياسات الدولة الخاطئة، فالمصريون يشعرون اليوم أن حكم حسني مبارك مستمر، فيما هم كانوا يشعرون في البداية أن الأمور ذاهبة بسرعة باتجاه تحقيق المشروع التغييري، لكنهم اليوم يلمسون أن هناك من يسعى إلى تجزئة المشروع والتعاطي مع برنامج التغيير بشكل انتقائي واستيعابي، من دون أي تغيير في نمط الاعتقالات والتحقيقات، ولذلك عاد الحراك ليتواصل تحت عناوين مختلفة، وهذا ما كنا نراهن عليه من الشعب المصري قبل هذه المشهدية الجميلة في ميدان التحرير، فكيف سيكون الأمر بعد كل الذي حصل؟ لبق تظهر رهاننا باقتحام السفارة الإسرائيلية".


وقال عريجي: "بعد كل ما حققه المصريون يزداد رهاننا عليهم وبالرغم من الصعوبات والتعقيدات الكبيرة التي تواجه المشروع التغييري، فإننا نأمل في أن يصل هذا المشروع إلى أهدافه كاملة، وذلك  بالنظر إلى مصر الموقع والدور، وقد أصبح لدى المصري شعور أن بإمكانه إعادة مصر إلى محوريتها العربية والإسلامية والإفريقية التي كانت عليها أيام عبد الناصر، وهذه الفكرة ستصطدم بعراقيل لأن الأميركيين لن يتخلوا عنها بسهولة، ولا يمكن أن يقف "الإسرائيليون" مكتوفي الأيدي أمام ضياع ذلك النجاح الكبير الذي حققوه على مدى ثلاثين سنة. ومع ذلك نرى أن المجتمع المصري ينتقل بتدرجية، ومهما طال الزمن لا بد أن تنتهي الأمور إلى النتائج التي تصب في مصلحة العرب".


أما بالنسبة إلى الأوضاع في سوريا فاعتبر عريجي أنه "بعد كل الذي حصل منذ شهر آذار الفائت، ثبت أن في سورية دولة حقيقية، وأنها ليست ليبيا، وليست كهيكلية الدولة الليبية التي لا تشبه الدولة بشيء. ففي سوريا دولة حقيقية، وأثبتت التجربة أن كل المؤسسات، وأولها الجيش، متماسكة وقوية بالمطلق وليس بشكل نسبي، وأن على رأس الدولة رئيس عقله حديث ومتطور، ويمتلك قدرة على الحوار، ولديه رغبة عميقة، أظهرها أكثر من مرة، في تحديث البلاد وتطوير الدولة".


أضاف عريجي: "هذا لا يعني أن كل المحتجين متآمرون، ومن الخطأ اختصار الأزمة السورية بأنها فقط مؤامرة من الخارج، وهذا ما تحدث عنه الرئيس الأسد في خطابه يوم قال أنه لن يتحدث عن الخارج ودوره، ونحن نعرف أن في سوريا مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية، وللناس مطالب ومن الطبيعي أن تسعى إلى تحقيقها، وإذا كانت المعارضة رصينة فعلا، وتنشد التقدم والديمقراطية، فعليها أن تكون حريصة على احتفاظ سوريا بعناصر قوتها القومية، وهنا تبدأ الأسئلة والشكوك ليس حول طبيعة هذه المعارضات بل حول من يدفعها في الاتجاه الخاطئ؟ فالرئيس الأسد على استعداد تام لمعالجة الأمور من زاوية حديثة إصلاحية تطويرية، هو مدفوع بقوة نحو فتح الأفق السياسي، وإذا قيض لهذه المعارضة أن تدخل إلى تطوير واقعها ووجودها وحضورها ضمن هذه المفاهيم، لماذا تصر على رفض أي فكرة لفتح الحوار، ولماذا منذ آذار حتى اليوم لم توافق هذه المعارضة القيادة السورية على أي فكرة إصلاحية، من تعديل قانون الأحزاب إلى قانون الإعلام وقانون الانتخابات وسواها من القوانين"؟


ورأى عريجي "أن هناك خفة في التعاطي مع الأمور"، وقال: "كان المأخذ على سوريا هو وجود نظام حزب البعث، ومصادرة الحياة السياسية، فقامت المعارضة بحراك دفع الأمور باتجاه حياة سياسية، ومع ذلك لا نرى أن المعارضة تعتمد على الحياة السياسية في التعاطي مع ما يطرحه الرئيس الأسد، ولم تقدِّم أي مبادرة جدية باتجاه الخروج من النفق الذي دخلت فيه، وفي المقابل لم يلاق المعارضون الرئيس الأسد إلى أي فرصة للحوار حول النقاط التي طرحها، أو إعطاء الفرصة حتى تتبلور الأفكار التي قدمها".


وقال عريجي " على المعارضة في سوريا الابتعاد عن أعمال الشغب، أو عن طرح أفكار لا تنسجم مع الواقع السوري، وأن تتلقف المبادرات وألا تنجر إلى نموذج يشبه نموذج لبنان، الذي كلف اللبنانيين 150 ألف قتيل، ومثلهم أو أكثر من المشردين والمخفيين والمعاقين، وبعد كل ذلك قمنا بإجراء تسوية، فلماذا لا تأتي التسويات عندنا إلا بعد حروب مدمرة، وهذه الحروب الناتجة عن "سايكس ـ بيكو" الجديدة، حيث جرى تكليف تركيا بهذا الدور ولا نعرف إلى أين تريد أن تأخذنا".


وقال عريجي: "إذا كانت المعارضة صادقة في ما تطرحه من مبادئ للتغيير، فهي ليست بحاجة إلى كسر الباب للدخول، لأن الباب مفتوح أمامها، ومن هنا تبرز أبعاد المؤامرة التي لا علاقة للناس الطيبين داخل سوريا بها، بل هي صنيعة أميركا والغرب من اجل مصالحهما، من دون أن يعود ذلك بالخير على السوريين".


وأكد عريجي أنه "بالرغم من كل ما يحدث فإن سوريا قوية، ولقوتها مصادر عديدة أهمها تتمثل بقيادة الرئيس بشار الأسد وبتماسك مؤسسات الدولة وأولها الجيش، وهذا ما يشكل ضمانة لاستمرار سوريا متماسكة وقوية، ولتجاوز هذه الأزمة، لكن هناك مسؤولية موازية تقع على عاتق المعارضة، التي عليها الإجابة على أسئلة كثيرة ومتعددة، منها: هل ستستمر هذه المعارضة مفككة كما هي اليوم، ومحكومة بأهواء مختلفة، وهل يوافق اليساريون والليبراليون والقوميون المعارضون على برنامج الإخوان المسلمين"؟


وعن دور بعض اللبنانيين في أحداث سوريا رأى عريجي أنه "من الواضح أن الرئيس سعد الحريري وفريق تيار المستقبل فتحوا معركة ضد حلفاء سوريا في لبنان، لأنهم يعتبرون أن هذا الأمر يشكل نوعاً من المشاركة مع المعارضات السورية، ومن هنا جاء الهجوم على الرئيس نبيه بري وعلى الجيش اللبناني، وفيما بعد على البطريرك الماروني، وعلى مفتي الجمهورية".


أضاف: "هنا يطرح السؤال الكبير: من الذي يخطط لكي يكون تيار المستقبل على خلاف مع كل المكونات اللبنانية؟ علماً أن هذا ليس من عاداتهم، فهم حتى في زمن الانقسامات الأكثر حدة، كانوا يستثنون الرئيس بري من هجومهم، كما كانوا باستمرار يستثنون الجيش، وهناك من يقول أن هذا الهجوم الشرس على كل المكونات اللبنانية ـ بوعي من سعد الحريري أو من دون وعي ـ يؤسس لحالة أمنية مضطربة، قد تؤدي إلى خلق وقائع وأحداث جديدة، ربما تفتح شهية الخارج، لإعادة صياغة تدخل أجنبي ما في لبنان".


وتابع عريجي قائلاً: "إذا كانوا عاجزين عن دخول المنطقة من البوابة السورية، فربما يعيدون محاولة دخولها عبر البوابة اللبنانية". 


وقال: "إن النظرة إلى الجيش اللبناني، ومهما كانت آراؤنا بدوره تاريخياً، كانت دائما كما هي اليوم نظرة احترام وتقدير أمام دوره كحارس للوحدة الوطنية في لبنان، وهذه الوحدة تعرضت، أحيانا، لحالات تدميرية، ولولا الجيش لكنا حاليا في الأماكن الخاطئة. وما قاله خالد ضاهر ليس رأيه الشخصي وليس ناجماً عن حالة غضب، بل هو موقف سياسي، وكذلك لا نقف عند ما جاء في ويكيليكس حول الرئيس بري، بل هناك توقيت سياسي معين مطلوب فتح معركة معه، وهناك أمر أبعد من المناكفات الداخلية".
أضاف: "نحن نرى أنه إذا كانت سوريا بخير فلبنان بخير، وسعد الحريري يرى أنه يجب إسقاط النظام في سوريا، وهو يلاقي المعارضات السورية بالهجوم على حلفاء سوريا في لبنان، وخصوصا في ما يتعلق بالرئيس بري، وهو الذي قدم لتيار المستقبل هدية ثمينة يوم أشركه في انتصار حرب تموز، قال لهم يومها أنتم شركاء في النصر وأطلق على حكومتهم، حكومة المقاومة السياسية، بينما كنا جميعاً نعرف أن هذا الأمر غير صحيح، لكن عقل بري في إدارة التنوع، وهو اليوم أبرز السياسيين المخضرمين في لبنان، والأكثر قدرة ودراية بين كل أفراد الطبقة السياسية في إدارة التنوع اللبناني، واعتبر أن من ثقافة إدارة التنوع هو إشراك تيار المستقبل في هذا النصر.


وبالنسبة لمواقف البطريرك بشارة الراعي قال عريجي "أن البطريرك في تعاطيه مع الفاتيكان هو صندوق أسرار، ويملك معلومات ومعطيات كثيرة، وللرجل قراءاته، وهو بتفاعله مع الفاتيكان يعرف أن واقع الأقليات المسيحية في الشرق مرشح للغياب، وهو الذي شهد حرب العراق ونتائجها المدمرة، ويبدو أن هناك ما بدأ يتضح أكثر فأكثر، حيث أن السياسات الخارجية الجديدة، أي السياسات الغربية، تخلت عن فكرة الأقليات في المنطقة، فهذه الأقليات التي تفتقر بذاتها إلى الاستقرار لا توفر الاستقرار للاستراتيجيات الغربية في المنطقة، وهناك رأي في الإدارة الأميركية يقول: حيث توجد الأكثريات في هذه الكيانات السياسية، يتم التفاهم معها والرهان عليها، هناك أكثرية شيعية في العراق فلنقم علاقات مع هذه الأكثرية، السنة هم أكثرية في الشام فلنقم تحالفا مع السنة في الشام، ويعتبر الأميركيون في صالوناتهم أن الأوروبيين وتحديداً الفرنسيين أغبياء لأنهم اخترعوا كيانات هزيلة، كيانات سايكس ـ بيكو التي لا توفر الاستقرار للمصالح الأجنبية، الأميركية والأوروبية".


وقال عريجي "المسيحيون شكلوا حركة حيوية في المنطقة باتجاه التغيير والحداثة والتطوير، وكانوا روادا على المستوى الفكري والثقافي والنهضوي، وهم يعيشون الآن قلقاً داخلياً لأن الأمور تتجه نحو صياغة مجتمعات دينية وطائفية لا مكان لهم فيها".


وأردف عريجي: "حتى نكون موضوعيين فإن بكركي رفضت التدخل الأميركي في العراق، واحتلالها له، حتى قبل أن تعرف أن المسيحيين سوف يقتلون ويهجرون، وليس هناك أي مبرر لأن لا يكون الراعي بهذا الوضوح وهذه الجرأة التي يظهر فيها، فهناك تجربة سبقته هي تجربة العراق، وخاصة أن نتائج احتلال العراق دفع المسيحيون الأكلاف الباهضة فيها.


كما أن من ثوابت بكركي تحييد حزب الله، صحيح أن هناك بعض المواقف، لكن البطريرك السابق تحدث في أميركا عن سلاح حزب الله، والبطريرك الراعي قام بنوع من الخطوات المتقدمة، بكل الجرأة والصراحة، ولو كان حديث البطريرك عن العراق، لما علق عليه أحد، أما وأن الحديث يخص سوريا فقد علق عليه الكثيرون وتحديدا القوات اللبنانية".


وأكد عريجي "أن هناك خطأ استراتيجياً خطيراً وقع فيه فريق 14 آذار، حين اعتبر أن هزيمة النظام في سوريا هي انتصار لهم في لبنان، فيما الحقيقة الواقعية تقول أنه إذا ـ لا سمح الله ـ عاشت سوريا حالة تشظ، فحتما سيتشظى لبنان بعد سوريا مباشرة، لأن هزائم الآخرين لن تأتي بالنصر لأحد".


وذكر عريجي بـ"أن المسيحيين هم الذين نظروا للفكرة القومية ولفكرة العروبة، وهم من رواد صياغة الكفاح المسلح ضد "إسرائيل"، وكانوا يعتبرون أن التسوية الحقيقية بين الأكثريات والأقليات تكون من خلال تبني الفكر العروبي، والفكر القومي والنضالي ضد "إسرائيل"، والآن يعيش المسيحيون قلق أن الأكثرية السنية بشكل عام تخلت عن العروبة، أو تخلت عن الصراع مع العدو، مما جعل الإطار الفكري القومي الذي كان يوفر للمسيحيين تسوية تاريخية مع المسلمين يهتز، وبالتالي من الطبيعي أن يعيشوا حالة اهتزاز وقلق، وهم الذين كانوا يلاقون شرعيتهم من خلال الإلتزام بالقضايا القومية الكبرى ومن خلال فكرة العروبة، وتبني قضية تحرير فلسطين. لقد كانت المسألة الفلسطينية ـ شئنا أم أبينا ـ أولية لدى الطائفة السنية، والمسيحيون اليوم يرون أنها ليست من الأولويات عند السنية السياسية، ومن هنا بدأوا يشعرون بنوع من القلق".


وختم عريجي حديثه بالقول: "لا تستقيم المواطنية الكاملة بين بعضنا البعض إلا إذا استعدنا الإطار القومي والعربي، لأن السني من دون قومية وعروبة لا نجد معه مشترك مواطنة، والشيعي من دون مقاومة لا نلتقي معه في أي مكان، وهذا يعني ـ هذا الكلام موجه لنائب 14 آذار الذي سأل البطريرك لماذا لم يتحدث عن المواطنة ـ أن المواطنية تحتاج إلى هوية حضارية، والهوية الحضارية هي العروبة، وعندما تسقط العروبة تسقط المواطنية معها. فالعروبة لا تنتعش في ظل المشاريع الطائفية، ولا في ظل المجتمع الديني الطائفي".

أخبار ذات صلة



0 التعليقات for عريجي: أميركا خائفة من خروج مصر على "كامب دايفيد" وملاقاتها لسوريا في خط المقاومة

إرسال تعليق

أدخل بريدك واشترك معنا بالنشرة الإخبارية:


الأكثر مشاهدة

.

syria a2z news (c) 2011 All Rights Reserved