أجهزة عصرية للكشف عن عمليات سرقة الكابلات فور وقوعها
الأخبار المحلية, ن 1:47 ص
سرقة كوابل شبكة الاتصالات ليست ظاهرة جديدة.. كما إنها لا تقتصر على بلدنا.. وتعاني معظم شركات الاتصالات الثابتة من سرقة الكوابل الأرضية منها والهوائية.
وبحسب صحيفة الثورة، يتناسب نمو هذه الظاهرة طرداً مع ارتفاع سعر النحاس، ولا نذيع سراً إن أكدنا أن هناك سرقات لنحو 374 ألف متر طولي للكوابل بنوعيها.. تصل قيمتها إلى ما يقارب 134 مليون ليرة.
والسؤال أمام نمو هذه الظاهرة: ما الإجراءات المتخذة للحد من عملية سرقة الكوابل؟ وماذا عن انعكاسها على خدمة الشبكة الثابتة؟ وصولاً إلى فوات العوائد المادية الناتجة عنها؟
ظاهرة تنمو باستمرار
تعاني الشبكة الهاتفية الثابتة من تعديات مستمرة على الكوابل الهوائية والأرضية وفي معظم المحافظات.. ولعل أخطر اعتداء ما تعرضت له منذ نحو العامين عندما سطا لصوص الكابلات على الكبل النحاسي الرئيسي في عدرا بريف دمشق، ما تسبب حينها بإلحاق الضرر بالكابل الضوئي الرئيسي الذي يربط سورية بالشبكة العالمية وأدى إلى حجب جميع وسائل الاتصال والانترنت وحتى الاتصال اللاسلكي بالانترنت عبر تقنيات الجيل الثالث.
وكان الكابل الضوئي قد تعرض لحادث مماثل سابقاً بالقرب من طرطوس نتج عنه إيقاف الخدمة الهاتفية الثابتة جزئياً لبضع ساعات.
وعن ظاهرة سرقة الكوابل قال معاون مدير مؤسسة الاتصالات لشؤون المحافظة ابراهيم عنوش: إن سرقة الكوابل في ازدياد مستمر وتنعكس هدراً مادياً وعرقلة في تنفيذ المخططات التنموية والخدماتية إضافة إلى عدم تأمين الخدمة الهاتفية للمواطنين.
وأضاف السيد عنوش: رغم الإجراءات المتخذة من قبل المؤسسة والجهات المختصة في متابعة العابثين إلا أن سرقة الكوابل والاسلاك الهاتفية مازالت مستمرة وبجميع الطرق والوسائل.
سرقة 374 ألف متر طولي
ولا تخلو محافظة من سرقة الكوابل إلا أن اللافت ما سجلته مديرية اتصالات حلب من سرقة نحو 99 ألف متر طولي كوابل هوائية وأرضية تليها ادلب بسرقة نحو 79 ألف متر طولي ثم الحسكة 52 ألف متر طولي ثم حماة نحو 51 ألف متر طولي وفي اللاذقية نحو 29 ألف متر طولي ودرعا نحو 21 ألف متر طولي وريف دمشق أكثر من 12 ألف متر طولي و السويداء نحو 8 آلاف متر طولي ودير الزور 7500 متر طولي وحمص نحو 7 آلاف متر طولي وطرطوس 3 آلاف متر طولي ودمشق 1600 متر طولي والرقة 1300 متر طولي والقنيطرة أخيراً 100 متر طولي.
الخسائر 134 مليون ليرة
وقدرت المؤسسة قيمة الكابلات المسروقة بنوعيها الهوائية والأرضية ومن مختلف السعات نحو 134 مليون ليرة موزعة كالتالي: حلب أكثر من 37 مليون ليرة وريف دمشق نحو 24 مليون ليرة، وادلب 23 مليوناً و 447 ألف ليرة وحماة أكثر من 13 مليون ليرة وفي الحسكة 10 ملايين و424 ألف ليرة وفي اللاذقية 7 ملايين و 472 ألف ليرة.
وبلغت قيمة الكوابل المسروقة في درعا 5 ملايين و 854 ألف ليرة، وفي دير الزور 3.5 ملايين ليرة وفي دمشق 2.5 مليون ليرة وفي حمص 1.5 مليون ليرة وفي السويداء 1 مليون و 300 ألف ليرة تقريباً وفي الرقة 559 ألف ليرة وطرطوس 551 ألف ليرة والقنيطرة عشرة آلاف ليرة..
وكانت الجهات المختصة نظمت مئات الضبوط بحق لصوص الشبكة كما بلغت خسائر المؤسسة أكثر من 126 مليون ليرة إضافية جراء أعمال العنف والتخريب في بعض المحافظات.
انعكاس سلبي
لا ننكر أن لسرقة الكوابل الهاتفية انعكاساً سلبياً على خطط المؤسسة عموماً وعلى خطة كل محافظة على حدة.
وحسب السيد عنوش فإن تخصيص كل محافظة بكمية من الكوابل لإنجاز الخطط التنموية وتنفيذ المشاريع وفق جدول زمني محدد فإن ظاهرة سرقة الكوابل الهوائية والأرضية تنعكس سلباً على تنفيذ الخطط بسبب عملية إعادة تهيئة الكوابل المسروقة أو مد كوابل بديلة عنها لتجنب عزل المشتركين وحرمانهم من الخدمة وخاصة الانترنت.
وأضاف عنوش: إن هذه الظاهرة تشكل إرباكاً حقيقياً للكادر الفني في مديريات المحافظات، حيث تستغرق عميلة التوصيل أياماً وقد تصل إلى الاسبوع حسب نوع الكابل.
خسارة اقتصادية
تنشط سرقة الكوابل وخاصة الهوائية في الأرياف بعيداً عن الانظار فيما تتم سرقة الكوابل الأرضية في المدن داخل الأحياء حيث تشكل غرف التفتيش هدفاً ثابتاً للصوص الشبكة.
ويرى معاون مدير عام مؤسسة الاتصالات لشؤون المحافظات أن هذه السرقات تؤثر على جودة الخدمة حيث تؤدي إلى انقطاع الزبائن عن التواصل الاجتماعي وانقطاع الانترنت، ما يسبب منعكسات اقتصادية للمواطنين كما يؤثر على مصداقية المؤسسة مع الزبائن.
وأكد عنوش أن إعادة توصيل الكابل البديل للمسروق تؤثر في عمر الكابل جراء التوصيل وزيادة التكلفة التشغيلية واستمرار اتقطاع الشبكة طيلة مرحلة إعادة التأهيل، ما يؤثر سلباً على مؤشرات الأداء للشبكة وجودتها كونها تزيد من حالات الأعطال.
وحسب السيد عنوش فإن المؤسسة في هذه الحالة تخسر فوات عوائد مالية مقررة سابقاً إضافة إلى هدر الوقت والجهد وتكبد أعباء إضافية كان من الممكن أن تساهم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لماذا ازدهرت سرقة الكوابل؟
من المعروف أن الكوابل تضم عنصر النحاس..وتدل مؤشرات البورصة العالمية على ارتفاع مستمر في سعره.. ومن هنا عمد لصوص الكوابل إلى تنشيط عميلة سرقة خطوط الشبكة الهاتفية بنوعيها الأرضية والهوائية لاستغلال ارتفاع السعر العالمي من جهة ولرواج تجارة المادة، ضاربين عرض الحائط بالمصلحة الاجتماعية للمشتركين والاقتصادية للمؤسسة في سبيل جني بعض المال على حساب الاقتصاد الوطني.
وتدل بعض ممارسات لصوص الشبكة الهاتفية على حالة تشفّ وانتقام من الخطوط، حيث إذا كانت عكس توقعاتهم كأن يكون الكابل المستهدف ضوئياً على سبيل المثال فإنهم يعمدون إلى إضرام النار فيه، ويواصلون بحثهم عن الكوابل النحاسية.
تفعيل إجراءات الردع
أمام هذا الواقع، ماذا عن الإجراءات التي اتخذتها مؤسسة الاتصالات للحد من نزيف الكوابل المتنامي؟
يقول معاون المدير العام لشؤون المحافظات: إن المؤسسة على تنسيق مستمر مع وزارة الداخلية ومفاصلها في المحافظات للقبض على العابثين وتقديمهم للعدالة أصولاً وهناك مئات الضبوط المسطرة بحق هؤلاء.
وأضاف عنوش: توجهت المؤسسة إلى المواطنين من خلال وسائل الإعلام للتعاون مع الجهات المعنية لمنع سرقة الكوابل والإبلاغ عن أي عملية سرقة مباشرة مقابل تقديم مكافآت مجزية لكل حالة إبلاغ.
وبيّن السيد عنوش إن المؤسسة تسعى لتجنيد أجهزة عصرية متطورة للكشف عن حالات السرقة مباشرة بمجرد وقوعها.. وأعلنت المؤسسة للمواطنين أن سرقة الكوابل تؤدي إلى انقطاع الخدمة عن البلدة التي تتم السرقة فيها، وبالتالي تتأثر أعمال المشتركين وتربكهم.. كما أن إعادة الاتصال وتأمين كابلات بديلة يؤدي إلى خسارة المال العام.
الكرة في مرمى القضاء
إذا كانت مؤسسة الاتصالات أناطت بالجهات المختصة مسؤولية ضبط حالات سرقة الكوابل.. وسجلت محاضر قيادات شرطة المحافظات مئات الضبوط وإلقاء القبض على اللصوص مع عدم إغفال دور المواطنين في الرقابة والإبلاغ عن أي واقعة فور حصولها.
فلابد من توجيه الأجهزة القضائية لتشديد عقوباتها بحيث تكون رادعة بحق مرتكبي السرقة، مع الأخذ بالحسبان أن قطاع الاتصالات يشكل رافداً أساسياً للخزينة العامة تقدر عائداته بأكثر من 75 مليار ليرة سنوياً، كما أنه يشكل دعامة اقتصادية يجب حمايتها ممن لا يريدون للبلد خيراً.
نزف جائر للموارد
أمام هذه الظاهرة وانعكاسها على أداء شبكة الاتصالات الثابتة قال المهندس بكر بكر مدير عام المؤسسة:
إن سرقة كوابل الاتصالات الهوائية والأرضية ظاهرة سلبية مرشحة للزيادة في ظل تنامي السعر العالمي للنحاس حيث وصل سعر الطن لأكثر من عشرة آلاف دولار.
واعتبر المهندس بكر بكر أن ظاهرة السرقة لكوابل الشبكة تمثل نزيفاً جائراً لجهة الموارد حيث تتدنى العوائد المالية عماهو مقرر واستنزافاً آخر يتمثل بشراء كوابل بديلة عن المسروقة مع العلم أن احتياطي المؤسسة من كوابل بعض السعات بدأ بالنفاد ناهيك عن الأثر السلبي لمصداقية المؤسسة في خدمة الزبائن.
وبحسب مديرعام المؤسسة فإنه إضافة إلى مئات التعاميم المسطرة إلى قيادات شرطة المحافظات وتنظيم مئات الضبوط فإن الحل الأنجع للحد من هذه الظاهرة يتمثل بنشر الوعي لدى المواطنين وتنبيههم من مخاطر هذه الظاهرة على أعمالهم وتواصلهم الاجتماعي.