ليس دفاعاً عن رامي مخلوف...!
12:08 م
جهينة نيوز
لم تكن العقوبات التي فرضتها مؤخراً بعض الدوائر الغربيّة ممثلة بالاتحاد الأوروبي إلا فصلاً ممجوجاً وأسطوانة مشروخة لجوقة التآمر على سورية، والتي بدأت تتهاوى وتتقهقر وتتكشّف فصولها المقيتة يوماً بعد يوم بفضل وعي الشعب السوري وصمود قيادته، هذه الدوائر التي تعرف حق المعرفة أن ما من أحد ممن وردت أسماؤهم في لائحة العقوبات يملك ملايين أو مليارات الدولارات ليودعها في البنوك أو المصارف الأوروبية، وليس لديه حسابات وأصول مصرفيّة ليجمدها أو يصادرها الاتحاد الأوروبي!.
وما يؤسف أن هذه الدوائر التي تدّعي الحياد والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، سعت، حدّ التطرف، وبعيداً عن أبسط أسس احترام سيادة الدول وما تفرضه قواعد الدبلوماسية والعلاقات الدولية، إلى تهديد سورية وترويج إشاعات كاذبة عبر أبواق إعلامية يقوم عليها ثلّة ممن ارتبطوا وكانوا حلقة وصل في المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، والذين سرعان ما أدركوا أنهم خسروا معركتهم وكانت آخر فضائحهم اعتذار وكالة "رويترز" عن أنها زوّدت المحطات الفضائية بأفلام مفبركة.. وسقوط أقنعة شهود العيان "الزور" الذين اعترفوا أنهم تلقوا أموالاً وأجهزة اتصال حديثة من بعض القنوات الفضائية ليفبركوا الأحداث في بعض المحافظات والمناطق السورية.
ولئن سلمنا أنه ما من سوري متهم حتى ندافع عنه، إلا أن واجبنا الإعلامي يدفعنا، في ظل هذه الحرب الإعلامية الشرسة التي يتعرّض لها وطننا ومواطنينا، إلى إيضاح الصورة ودحض المزاعم والافتراءات التي تطلّ برأسها بين فينة وأخرى لتلفيق الأكاذيب والادّعاءات الباطلة التي تطال بعض المواطنين السوريين بمختلف مستوياتهم ومواقعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فالسيد رامي مخلوف الذي يتردّد اسمه اليوم في حملة التضليل والكذب والافتراءات، وورد اسمه في لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي، وكانت واشنطن قبل ذلك قد فرضت عقوبات بحقه منذ عام 2008 هو مواطن سوري ورجل أعمال معروف، وله مشروعاته واستثماراته، في سورية وخارجها، وليس عنده ما يخفيه أو يخجل منه.. وقد بيّنت وسائل الإعلام الخارجية قبل المحلية سر استهدافه، الذي انطلق من خطّة "بندر، فيلتمان، الحريري" التي بات يعرفها القاصي والداني..
وللتذكير فقد أشارت تلك الخطّة التي أعدّها خبير الحرب النفسيّة لدى بندر والحريري، المدعو إيلي خوري، إلى أن على خوري أن يتولّى تجهيز اليافطات والشعارات التي توضع على الـ"فيس بوك" وفي المظاهرات، ويتولّى أيضاً خطّة إغراق إعلامية - إعلانية مدفوعة في المحطات الفضائية ومواقع الانترنت والمدوّنات ضد رامي مخلوف (قريب الرئيس السوري والرجل الأبرز في النظام الاقتصادي - المالي الذي يعتبره حلفاء سورية في لبنان "الضامن لاستقرار النظام السوري مالياً واقتصادياً").
المهندس مخلوف يتعرّض، وضمن الحملة والخطّة المذكورة، لاتهامات وافتراءات لا تستأهل الرد أو حتى الوقوف عندها، وخاصة بعد الحوار الذي نشرته مؤخراً صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، والتي سيكتشف المتابع الحصيف أن المزاعم التي تلت هذا الحوار تضاف إلى سلسلة الألاعيب التي يمارسها الصغار كالحريري ومن سار في ركبه من السياسيين والإعلاميين.
فبالأمس وفي نشرة الأخبار المسائية على قناة "العربية" مثلاً، أنكر محمد العبد الله الذي يدّعي أنه من المعارضة السورية، وكان يتحدّث من واشنطن، أنكر على السيد رامي مخلوف أن يتحدّث إلى "نيويورك تايمز" لأنه لا يملك صفة رسميّة، متناسياً أن مخلوف مواطن سوري قبل أن يكون رجل أعمال، وأن من حقه أن يدافع ويقف في وجه ما تتعرّض له سورية، كأي سوري يحب بلده ويعتز بالانتماء إليه.. كما من حقه أن يصرّح لأي وسيلة إعلامية يختارها، إلا إذا رأى العبد الله و"معارضته" أن وسائل الإعلام والمحطات الفضائية، صارت كـ"الجزيرة والعربية" حكراً على أمثاله من شهود العيان والناشطين الحقوقيين والمحلّلين والباحثين السياسيين "النكرة" الذين لم يسمع بأسمائهم الشعب السوري أبداً، ولا يظهرون إلا كل يوم الجمعة.
وما يلفت النظر أكثر، أن بعض وسائل الإعلام التي لا يهمّها إلا التضليل، قد ركّزت في مانشيتاتها واقتطعت من حوار السيد مخلوف أنه قال: "إذا لم يكن هناك استقرار في سورية، فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل".. وفسّرتها كما يحلوا لبعض "مرتزقة السياسة" أن يفسروا، أن سورية تقايض أمنها بأمن إسرائيل، وهذا الكلام لا يقبل به حتى الجاهل بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، الذي يعرف أن سورية هي مصدر القلق الوحيد لإسرائيل، والعقبة الأخيرة في مواجهة مشروع "الشرق الأوسط الجديد" بعد أن تساقط "العربان" في الرياض والدوحة وغيرهما في الحضن الإسرائيلي حتى التعامي عن قضاياهم ووجودهم، كما يؤكد أي ذي عقل أن إسرائيل وحلفاءها لم يوفروا جهداً في يوم من الأيام، لإسقاط النظام في سورية عبر حروب ومؤامرات وحصارات، كانت سورية تخرج منها دائماً منتصرة، بل ويدرك العالم كلّه أن العقوبات والاتهامات والضغوطات التي أعقبت اغتيال رفيق الحريري والقرار 1559، ومؤامرات بوش وبلير وشيراك وحتى مبعوث الأمم المتحدة تيري رود لارسن، لو كانت على أو ضد أقوى دول المنطقة لسقط نظامها في عشرين يوماً.
من جهة أخرى فإن هذه الوسائل أغفلت بوقاحة، وعن قصد، أن السيد رامي مخلوف أكد في الحوار ذاته أن الإصلاح الاقتصادي سيبقى الأولوية، حيث قال: هذه أولوية للسوريين.. يجب أن نطالب بالإصلاح الاقتصادي قبل الحديث عن الإصلاح السياسي، معترفاً أن التغيير جاء متأخراً ومحدوداً، وإن كان هناك بعض التأخير فهذه ليست نهاية العالم.
مما سبق نستنتج أن خطة "بندر، فيلتمان، الحريري" المشار إليها آنفاً، تبنتها بعض الفضائيات "الناطقة بالعربية" ومرّغت بها ميثاق الشرف الإعلامي، فيما ترجمها الإرهابيون ونفذوها كما كانت مرسومة تماماً منذ اللحظة الأولى لاندلاع أحداث الفتنة، حين عمدوا وقبل قصر العدل ومبنى محافظة درعا إلى تخريب وحرق مكاتب شركة "سيرياتيل" للاتصالات والتي يعمل فيها مئات الموظفين من أبناء درعا نفسها.. فقط لأن المطلوب منهم أن يركزوا ويسلطوا حقدهم على الشركة التي يملكها رامي مخلوف.
ما ذكرناه ليس دفاعاً عن رجل الأعمال رامي مخلوف، لأن لا سوري متهماً إذا وضعته دوائر الغرب وإعلامه على قائمة العقوبات، أو أي قوائم أخرى تجاوزها الشعب السوري قبلاً، وسيرميها خلفه اليوم في "سلة العقوبات" المتخمة بالاتهامات الجاهزة.