أنا أصرخ.. فأنا موجود.. أردوغان ظاهرة صوتية ليس إلا..!


بعد أن استنفد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ما في جعبته من اتهامات و"تصريحات نارية" ضد سورية، في مسلسل المؤامرة الذي زجّ بها عنوة حزب العدالة والتنمية، بعيداً عن الموقف الشعبي التركي الذي كان بمجمله ضد المؤامرة التي تستهدف أمن واستقرار الجارة سورية، أثبت أردوغان أنه ماضٍ في المؤامرة، وأنه لن يغيّر جلده ويخرج من لعبة التلوّن التي لقنها له الأمريكيون والصهاينة، وارتضى – مع الأسف- أن يكون بوقاً رخيصاً بيد راسمي مستقبل الشرق الأوسط الجديد.

إن قصر النظر والقراءة المنقوصة لما يجري في سورية، أوقعت السيد أردوغان في ارتباك بدا واضحاً في تصريحاته الأخيرة، فتارة يحذّر من "تكرار المجازر في سورية".. وتارة أخرى يدعو السيد الرئيس إلى الإصلاح لتهدئة ما يسميه "الاحتجاجات".

أردوغان وجوقته يعرفون أنه ما من رئيس أقرب إلى هموم وتطلعات شعبه مثل الرئيس بشار الأسد، وأردوغان نفسه يعترف بذلك حين قال لقناة بلومبرغ الأميركية مؤخراً: إن الرئيس الأسد " تأخر في الإصلاحات، آمل أن يتخذ بسرعة تدابير مماثلة ويتحد مع شعبه، لأنني في كل مرة أزور سورية أشهد على العاطفة الشعبية الكبيرة تجاه بشار الأسد".

وفي اللقاء ذاته مع قناة بلومبرغ الأميركية، يؤكد أردوغان أنه أجرى العام الماضي "محادثات مطوّلة" مع الرئيس الأسد بشأن ضرورة رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتغيير النظام الانتخابي والسماح بالتعددية الحزبية. وهذا إن دلّ فإنما يدلّ أن السيد الرئيس بشار الأسد كان يحاور وبكل مسؤولية أي رؤية أو رأي يساهم في دفع عجلة الإصلاح السياسي والاقتصادي إلى الأمام، وهو لم يغلق الباب أبداً أمام أي أفق مفتوح للحوار الذي يستفيد من تجارب الدول الأخرى.

على أن السوريين جميعاً استغربوا أن يخرج رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال الفترة الأخيرة عن كافة حدود الأدب السياسي وأصول البروتوكولات المعمول بها بين دول العالم ليهدّد ويتوعّد سورية الدولة الجارة التي دخل من بوابتها إلى المنطقة العربية اقتصادياً، وأصبحت تركيا بفضلها تضطلع بأدوار سياسية لم تكن تحلم بها كالخلاف اللبناني ومفاوضات السلام غير المباشرة بين سورية والاحتلال الإسرائيلي.

إذ لا يمكن وصف هذا التصرف من أردوغان إلا أنه وقاحة تصل حدّ القذارة، فما معنى أن يخرج، وقد شارفت الأزمة في سورية على نهايتها، ويحذّر من تكرار ما سماه "مجزرة حماة" ويتوعد باتخاذ إجراءات دولية قاسية ملمحاً بشكل لا يخطئه عقل إلى احتمال تدخل عسكري دولي تدعمه تركيا على شاكلة إجرامه وحلف الناتو بحق ليبيا؟!.. وماذا يعني تهويله وتلميحه باستمرار لإجراءات تركية على الحدود مع سورية لاستقبال لاجئين سوريين محتملين..؟!.

ولماذا يصرّ هذا المستجدي لاعتذارات تل أبيب أن يكون رأس حربة الهجمة الدولية على سورية، رغم أن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية لم تذهب إلى ما ذهب إليه؟!.. هل يريد أن نذكّره بجرائم حكومته بحق الأكراد والتي وصلت إلى ملاحقتهم داخل أراضي العراق؟.. أم يريد أن نذكّره بالاضطهاد الذي تعاني منه الأقليات الدينية والقومية في تركيا؟.. هل من لا يزال يرفض تقديم اعتذار عن مجازر تركيا بحق الأرمن يحق له أن يتحدّث عن مجازر مزعومة في هذه الدولة أو تلك؟!..

ثم هل تسمح حكومة من ينادي بالتعددية الحزبية بأي نشاط في تركيا لحزب العمال الكردستاني المصنّف كحزب إرهابي أو غيره من الأحزاب؟.. ألا يقوم الجيش التركي يومياً بملاحقة واعتقال وقتل كل من ينتمي لذلك الحزب؟.. ولماذا يحق لجيشه مطاردة من يسميه إرهابيين، ولا يحق بنظره لسورية مطاردة الإرهابيين على أرضها وجرائمهم ترتكب يومياً ضد الآمنين والأبرياء العزل؟!..

ماذا يعني مؤتمر اسطنبول الذي عُقد مؤخراً على الأراضي التركية حول سورية وضمّ كل الحاقدين بدءاً من الإخوان المسلمين ومرشدهم رياض الشقفة المعروف بإجرامه ودمويته عام 1982 مروراً بأزلام خدام والحريري وبندر وعملاء الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية، انتهاء بجيفري فيلتمان المعروف بعدائه لسورية ولكل قوى المقاومة في المنطقة؟!.. لماذا احتضن أردوغان كل تلك الجوقة المتآمرة وجعل من تركيا منبراً لإطلاق الشتائم وتسويق الخيانة ضد سورية؟.

ماذا يعني تزامن تصريحاته بشأن الأزمة في سورية وموقف الغدر الذي يمارسه مع حملة حزبه للانتخابات في تركيا.. هل يريد أن يبقى في السلطة ولو كان الثمن الصعود على دماء وجراح السوريين؟!.. هل من وثقت به القيادة السورية كل تلك الثقة، وفتحت كل السبل لتعزيز العلاقات مع حكومته في كافة المجالات يسمّى بعد الآن صديقاً أو ناصحاً؟.. هل نسي الدور التوفيقي الذي أداه السيد الرئيس بشار الأسد في رأب الصدع التاريخي الأرمني التركي؟.. هل من مجال لمحاباة من طعننا في أزمة خطيرة كهذه، فكيف وكنّا نسميه صديقاً وجاراً؟!..

السيد أردوغان مازال حتى اللحظة يستجدي اعتذاراً ترفض تل أبيب إعطاءه إياه، وهي التي قتلت أمام عدسات الكاميرات التلفزيونية تسعة مدنيين أتراك كانوا على متن سفينة مرمرة في قافلة أسطول الحرية التي توجّهت محملة بالمساعدات لفك حصار غزة.. حيث لم يقو منذ ذلك الحين على أي فعل مضاد، حتى إنه لم يجرؤ على قطع أي نوع من العلاقات بين بلده والكيان الصهيوني أقلّها السياحية أو العسكرية.. حتى السفراء مازالوا يعملون بشكل اعتيادي، ولا يزال يستجدي في كل مناسبة وظهور اعتذاراً صهيونياً يبدو بعيد المنال، وكأن الاعتذار سيعيد كرامة حكومته المهدورة على أيدي حكام تل أبيب.. فكيف الحال والاعتذار لا يزال مستحيلاً؟... ما يؤكد أن أردوغان ظاهرة صوتية ليس أكثر، يتبع مقولة: أنا أصرخ فأنا موجود.

الآن وقد استطاعت سورية بإرادة شعبها ووعي وحكمة قيادتها إجهاض المؤامرة وفكفكة خيوطها، ثمّة من سيصرخ في كل شارع سوري: "خسئت يا أرودغان لن تقوى على شيء في وجه سورية الأسد، ولن نغفر لك طعن سورية في ظهرها في هذه الظروف".. مدركين الفارق الكبير بين موقفه القذر وموقف الشعب التركي الذي تربطنا به علاقات اجتماعية تاريخية وأواصر قربى لم يفهمها أردوغان الذي أسقط بمواقفه وتصريحاته ورقة التوت الأخيرة... وكشف الوجه القبيح للمؤامرة.

أخبار ذات صلة



0 التعليقات for أنا أصرخ.. فأنا موجود.. أردوغان ظاهرة صوتية ليس إلا..!

إرسال تعليق

أدخل بريدك واشترك معنا بالنشرة الإخبارية:


الأكثر مشاهدة

.

syria a2z news (c) 2011 All Rights Reserved