امام مسجد القدس: الظاهرة التكفيرية خطِرة وعلاجها ليس سهلاً والأسير يموّله القطريون والسعوديون
قضايا, ن, i 3:19 ص
الشيخ ماهر حمود إمام مسجد القدس في مدينة صيدا اللبنانية |
أكد إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود أنَّ الظاهرة التكفيرية خطرة ومؤلمة وعلاجها ليس سهلاً، وأشار إلى أنَّ هذا العلاج يكون أولاً بإقامة دولة عادلة حقيقية للجميع، ما يسقطُ الكثير من مبررات التكفيريين.
وشدد في ندوة للجنة الدراسات في التيار الوطني الحر عن “الظاهرة التكفيرية” على أنه إذا عجزت الحركات الإسلامية الصاعدة في العالم العربيّ عن وضع حدٍ لهذه الظاهرة، فإن ذلك يعني تالياً عجزَها عن الإمساك بمصير أوطان ودول، داعياً هذه الحركات إلى التواضع والمشاركة في الحكم بدلاً من التمسك بكل مفاصل السلطة. وأكد أن لولا النفط وامواله لما انتشرت الحركات والدعوات السلفية بهذا الشكل الكبير في الدول العربية.
بداية كانت كلمة لمسؤول الدائرة السياسية في لجنة الدراسات ميشال أبو نجم قال فيها إنَّ الظاهرة التكفيرية تمثل خطراً داهماً ليس على غير المسلمين فحسب بل على المسلمين أنفسهم، وتهدد التنوع التاريخي في المنطقة العربية. وأشار إلى أن في لبنان أمثلة كثيرة عن النهايات الدامية لنمو الظواهر التكفيرية واستخدامها.
حمود
الشيخ حمود لفت إلى أن ما أتى به القرن العشرين من تطور في مفاهيم الديموقراطية والمواطنة يمكن أن يُستخدم في إيجاد حلول لإدارة المجتمعات العربية والإسلامية، معرباً عن ثقته بأنه يمكن الوصول إلى المواطنة من خلال الحد الأدنى من رفع الظلم. وأضاف أن مفهوم المواطنة يحتاج إلى تأصيل إسلامي وأن إيجاد اجتهاد إسلامي معاصر لهذا المفهوم متيسّر، ومذكَِراً بأن الشيخ الراحل محمد مهدي شمس الدين كان جريئاً في الدعوة إلى الإستفادة من التطور البشري في مقاربة شؤون المجتمع والدولة.
ورأى حمود أنَّ ظاهرة أحمد الأسير مضخمة إعلامياً ومفتعلة إلى حدٍ كبير مبدياً عدم تخوفه منها. وأكد أن التمويل الرئيسي له أتى من خلال المتمول المعروف في صيدا نزيه العلايلي وإخوته الذين يشترون أراضٍ كثيرة في المنطقة، ومن ثم من القطريين والسعوديين.
وعن مواقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قال حمود إننا نقدِّر مخاوف البطريرك ونظرته عقلانية، معتبراً أنَّه إذا تعرّض لانتقادات من شرائح في الطائفة السنية فالمشكلة تكون عندها وليس عند البطريرك، معتبراً أنَّ هناك أزمة داخل الطائفة السنية وتغريباً عن ثقافتها.
وقدم الشيخ حمود قراءةً تاريخية ودينية لصعود الظاهرة التكفيرية في الإسلام، معتبراً أن أبو مصعب الزرقاوي قدم المثل الأسوأ في حالات التكفير المعاصر. وقال إن الحركات التكفيرية تتعامل مع النص القرآني والسنّة النبوية بحرفيتهما، وهنا الخطأ. ولفت إلى أن الظواهر التكفيرية موجودة منذ بدايات الإسلام قائلاً لم يكن حينذاك إسرائيل أو مخابرات أميركية لنقول إن الظواهر التكفيرية هي “صناعة” إسرائيل وأميركا.
وأشار الى ما حصل مع “الخوارج” الذين عارضوا علي بعد موقعة صفين و”التحكيم” بسبب تفسيرهم كلامه في شكلٍ حرفي، وأضاف أنَّ ظواهر أخرى برزت لأسباب متنوعة وفي اتجاهات متعددة. ورأى الشيخ حمود أنَّ التكفير في عصرنا هذا بدأ بعد الصدام الذي حصل بين عبد الناصر و”الإخوان المسلمين” والقمع الذي تعرضوا له في السجون وهذا ما عزز هذه الظاهرة. وقال ان من بين الرموز المتشددة آنذاك شكري مصطفى الذي أسس جماعة “التكفير والهجرة”، التي نشأت على أساس أن يهجر الإنسان المسلم المجتمع ولا يختلط به، والتي نفذت اعمال عنف من أبشعها قتل عالم الدين الأزهري الشيخ حسين الذهبي. وأشار إلى أن التكفيريين اعتمدوا على كتابات سيد قطب الذي أعدمه عبد الناصر أيضاً.
وقال حمود إن مؤسس الدعوة الوهابية محمد بن عبد الوهاب كفّر أيضاً المسلمين، مشيراً إلى التوافق بين رجال الدين الوهابيين ومؤسسة المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن سعود، ومبدياً استغرابه للتشدد الذي تبديه الوهابية في الشؤون الدينية والاجتماعية، في حين ان هذا التشدد غير موجود في العلاقات مع الإنكليز في بدايات القرن العشرين ولاحقاً مع الولايات المتحدة. واستعرض أيضاً مسيرة بن لادن وتلاقيه مع أيمن الظواهري، معتبراً أن بن لادن طوّر التكفير وأن الحالة التكفيرية التي مثّلها سياسية إذا صح التعبير.
وقدم قراءة دينية معمقة للنظرة القرآنية إلى المسيحيين وشخصية المسيح، مستشهداً بآياتٍ كثيرة. ورأى أن التكفير الديني في موضوع “التثليث” المسيحي هو موقف يتعلق بالعقيدة و”اكاديمي”، لكن المشكلة تبرز عندما يتحول هذا التكفير الى سلوك عملي في الحياة.