أسرار الطائرة البيضاء التي تقصد تل أبيب سرا ورئيس وزراء قطر !
قضايا, ن, i 3:38 م
كشفت مصادر موثوقة إن الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر غادر القاهرة في ساعة متأخرة من مساء يوم الثلاثاء الموافق الثالث عشر من أيلول الماضي إلى تل أبيب على متن طائرة خاصة بيضاء ليست عليها كتابات أو شعارات تدل على هويتها، وحطت في مطار تل أبيب، وجثمت في الركن الشمالي الغربي من المطار تحت الحراسة، ومن هناك نقل بسيارة مرتديا الزي "الإفرنجي"، ولم يكن مرتديا الزي القطري التقليدي، وغادرت السيارة خلف سيارة أخرى من طراز شفرولية الى مبنى قريب من المطار من الناحية الجنوبية، حيث عقد مع ثلاثة من المسؤولين الإسرائيليين لقاءات سرية وصفتها المصادر بالحساسة والخطيرة.
وذكرت المصادر التي وصفتها صحيفة المنار المقدسية بالعليمة والموثوقة جداً: أن اللقاء ضم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو وأحد مستشاريه بالإضافة الى وزير الدفاع ايهود باراك ورئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل، وبحث المجتمعون ما أسمته المصادر بجدول أعمال مشترك إسرائيلي قطري عنوانه كيفيه التعاطي مع الأوضاع في المنطقة، وتحديدا في مصر وسورية، وفي مرحلة قادمة الدول المحيطة أي دول بلاد الشام، وزيادة التنسيق بين الجانبين لتحقيق ما سمي "بالأهداف والمصالح المشتركة" .
وأكدت المصادر أن المسؤول القطري أعطى مضيفيه وعدا بالضغط على القيادة الفلسطينية ومنعها من تقديم طلب الهيئة الدولية لانتزاع اعتراف بدولة فلسطينية على أراضي الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف، مشيرا في لقائه ان قطر الوحيدة القادرة على تحقيق وتنفيذ هذا الوعد، وبأنه سيطلب من "حلفائنا" في السعودية لممارسة الضغط نفسه، ورد عليه نتانياهو ان إسرائيل ستمنح قطر فرصة لتولي إدارة جهود استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بترتيب مع الإدارة الأمريكية.
المصادر ذاتها قالت لـصحيفة المنار أن المسؤول القطري حمد بن جاسم أبلغ نتانياهو أن الدوحة ستنجز حلا للقضية الفلسطينية خلال عام واحد فقط يضمن "تبديد مخاوف" إسرائيل، وأن دور قطر بات مركزيا بعد الأحداث في مصر، وما تتعرض له الساحة السورية، وأن هذا الوضع في البلدين فتح طريقا سهلا أمام قطر لإيجاد حل لقضية فلسطين التي بقيت دون حل لسنوات طويلة، وأشارت المصادر الى أن رئيس وزراء قطر ناقش مع المسؤولين الإسرائيليين الأوضاع الحالية في مصر وسوريا، وتأثيراتهما على الساحتين الأردنية واللبنانية،وما اسماه الشيخ حمد بعملية "تدجين" حركة الإخوان المسلمين في دول المنطقة، وكذلك دعم قطر في تولي دور مركزي بالمنطقة، وفي نهاية اللقاء الذي استمر ساعات ثلاث غادر حمد بن جاسم ومستشار له الى مطار نيقوسيا، ومن هناك الى القاهرة حيث غادر من العاصمة المصرية الى الدوحة.
وفي هذا السياق أيضا كشفت المصادر المطلعة ذاتها انه وللمرة الثانية وخلال اقل من شهر واحد، وتحديدا في الأول من تشرين أول الحالي وصل الشيخ حمد بن جاسم برفقة قائد جهاز الأمن القطري والأمير بندر بن سلطان رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي الى مطار تل أبيب، في نفس الطائرة الخاصة الخالية من أية كتابات، ومن هناك انتقل الى نفس المبنى الذي يملكه ثري يهودي حيث أجرى محادثات مع وزير الدفاع الإسرائيلي باراك وعدد من كبار ضباط الجيش وأجهزة الأمن، ولم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو متواجدا في هذا اللقاء، الذي بحث فيه الجانبان تراجع الإرهاب في سوريا، والنجاحات التي يحققهما النظام السوي ضد الخطة التي تستهدفه وشعبه، وكيفية تكثيف الضغوط والانتقال الى مرحلة جديدة من المواجهة مع النظام تتضمن عدة بنود، من بينها إقامة منطقة حظر على جهة حدودية، وضرورة إعادة العلاقات شبه المتوترة بين أنقرة وتل أبيب الى طبيعتها خدمة لهذا الهدف، عارضا وساطته لحل "الإشكال" بين تركيا وإسرائيل، وكذلك، الحصول على أسلحة إسرائيلية لاستخدامها ضد الساحة السورية والاتفاق على طرق نقلها، وأيضا تدريب إسرائيل لوحدات من العناصر الإرهابية والزج بها الى داخل الأراضي السورية.
المصادر المطلعة أكدت أن عدم حضور نتانياهو اللقاء الثاني، سببه عدم نجاح قطر في ثني القيادة الفلسطينية عن تقديم طلب الحصول على دولة فلسطينية كاملة العضوية في الهيئة الدولية، وهنا أبلغ باراك المسؤول القطري ان عليه ممارسة الضغوط على الرئيس عباس لاستئناف المفاوضات وغض الطرف عن الطلب الفلسطيني المقدم الى الهيئة الدولية، ورد عليه الشيخ حمد بن جاسم ان الدوحة مارست ضغوطا كبيرة في نيويورك على الرئيس محمود عباس الذي أصر على الاستمرار في خطواته التي وصفها له بأنها مطلب الشعب الفلسطيني، مشيرا الى ان الدوحة غاضبة على عباس ، هذا اللقاء الثاني الذي عقد في هرتسليا استمر ساعتين، من بعد ظهر اليوم الثاني من تشرين أول الجاري، غادر بعدها المسؤول القطري الى العاصمة القطرية مباشرة.
يذكر أنه بعد عودة الشيخ حمد من لقائه الثاني مع المسؤولين الإسرائيليين، صرح احمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية ان قطر تتعامل بكل "حنكة ودبلوماسية راقية" وتحرك "فاعل" مع القضايا العربية.
وجدير بالذكر أن الأمير بندر بن سلطان كان قد زار إسرائيل خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006 والتقى آنذاك رئيس الوزراء ايهود اولمرت، وطالبه بمواصلة الحرب ضد حزب الله وتصفيته، أما في لقائه هذه المرة بحضور الشيخ حمد بن جاسم فقد ابلغ بندر مضيفيه ان السعودية تنفذ سياسة ترضى عنها الولايات المتحدة، وبالاتفاق معها، وهي سياسة لاشك تباركها إسرائيل، ووعد بمزيد من الضغط لتخريب الساحة السورية والانتقال الى مرحلة جديدة من هذا الضغط تتمثل في تنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات وضرب المرافق العامة، ونقلت المصادر عن مسؤول خليجي رفيع المستوى أن عددا من أمراء السعودية غير راضين عن تحركات بندر الذي لم يعد يستشير الحرس القديم.
المصادر ذاتها قالت للمنار الفلسطينية أن علاقة أمنية واستخبارية قوية تربط بين الأمير بندر وإسرائيل.
الزيارة الثانية لرئيس وزراء قطر الى إسرائيل جاءت في خضم الصراع الذي لم ينته بين حاكم قطر ورئيس وزرائه، والذي تحركت أجهزة المخابرات الأمريكية لاحتوائه، والسؤال الذي يطرح نفسه، هنا، هو:
لماذا يصر حمد بن جاسم على إخفاء اتصالاته ولقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين، وكل ما يقوم به هو لخدمة واشنطن وتل أبيب .
تحت المجهر