تفريغ الشرق الأوسط من مسيحييه يمهد لإقامة دولة يهوديّة
قضايا, ن, i 2:18 م
تفريغ الشرق الأوسط من مسيحييه يمهد لإقامة دولة يهوديّة |
بندقية ورصاصة كلمتان
تصفان “حال” جيل عراقي ترعرع في الحرب. جيل فارق أرضه قسراً من أجل “الحياة”. حرب ألقت
بظلالها على زوايا العراقيين الفارغة – إلا من الحنين – ليملأها بذكرى أليمة تصبح رواية
تسردها الأم لأطفالها.
هي يوميات تحكيها بعض الأسر المسيحية من العراق بعدما سلخهم
“الاحتلال الأميركي” عن أرضهم.
فرّق الغزو الأميركي
أبناء الوطن عن الأرض وفرّ نحو نصف المسيحيين إلى الخارج بسبب العنف.
ولم يكن غزو العراق
سوى نقمة على مسيحييه فمنذ دخوله تأزم الوضع الانساني بصورة فظيعة.
ولم يشهد العراقيون
سوى أحداث إجرامية كالقتل والخطف والتعذيب.
وتتكرر في شكل خاص تفجير بـ “الجملة” لكنائس
بغداد. فكان الفرار إلى الأراضي المجاورة كلبنان وسورية وتركيا من أنسب الحلول للبقاء
على قيد الحياة. هكذا بدت الصورة واضحة لكل فرد عاش الحرب، إما حَمل السلاح وإنطلق
للقتال نحو خطوط تماس وإما الفرار إلى أراض جديدة، عله يجد ملجأ، أو ينبش حفرة يدفن
فيها عذابه، فكانت الوجهة الأساسية لمعظم هؤلاء “بلاد العمّ سام” حيث يحلم مسيحيو العراق
بعيش الحلم العراقي فوق أراضي الأحلام الأميركية.
حرب هوجاء
بعد الغزو، إستفاد
تنظيم القاعدة من النزعة الوطنية ضد الاحتلال لكسب الدعم ووضع قدمه في البلاد. فلم
توفر الحركة كنيسة إلا استهدفتها، وكانت أيام الأحاد من ألذ أيام التفجيرات لديها فلم
نسمع سوى قتلى وجرحى بعد ظهر الاحد في انفجار سيارات مستهدفة كنائس في مناطق عدة في
العراق.
أعمال عنف طائفية
أدت إلى حرب هوجاء، وتطهير عرقي لفئات المجتمع العراقي، فكانت الهجمات على الأقليات
العراقية مثل اليزيديين والمندائيين والآشوريين وغيرهم. وأصبحت مسألة زيادة القوات
الأميركية للتعامل مع زيادة العنف وتحسين الوضع الأمني مسألة مثيرة للخلاف السياسي
في الولايات المتحدة، وصدر قرار بزيادة عدد القوات في أوائل العام 2007 استناداً إلى
شهادة الجنرال بترايوس في أيلول العام 2007 إلى الكونغرس بأنه توجد حاجة لزيادة أعداد
القوات.
روايات
تكبر الأجيال على
روايات الأهل الذين عاشوا الحرب وشاركوا فيها، فخرجوا أحياء بعدما استسلموا لـ “الهروب”
وفضّلوا سرد يومياتهم وشهاداتهم إلى كل من أراد الانحناء معهم نحو همومهم وشكواهم.
هي حرب حدثت فعلاً وهي متواصلة “ضد” الارهاب ولكن لم يدرك الأميركيون أن الحرب التي
بدأت العام 2003 “حرب” مقيمة في النفس.
تعود نرمين اللاجئة
العراقية المسيحية المقيمة في لبنان في ذاكرتها إلى العام 2008 “فضّلتُ خسارة زوجي
على خسارة ابني في الوقت ذاته، فمنذ الغزو الأميركي تصاعد نفوذ الاسلاميين في وقتها،
فخطفوا زوجي وطالبوا بفدية على أن يتم إرسالها مع ابني إلا أنني رفضت الأمر، لأن جارتي
وقعت في نفس المأزق وأرسلت ابنها لدفع الفدية لاستعادة زوجها إلا أنها خسرت الاثنين
معاً”.
وعن وضعها الاجتماعي في الوقت الراهن، تنتظر نرمين الموافقة على أوراقها للإجتماع
بابنها المقيم في الولايات المتحدة بمساعدة الأمم المتحدة على أمل لمّ شمل العائلة
من جديد. أما سوزان وزوجها اللذان هجرا العراق بسبب الحرب لم يرزقا بأولاد بعد بسبب
عدم تواجد الفرص القانونية التي تتيح الاعتراف قانونيا بطفلهما في لبنان، فهما حتى
اليوم يشعران بالخوف لعدم امتلاكهما “إقامة قانونية”.
وروت ميسون بدورها
“أن زوجها سلام الذي كان يمتلك 7 محلات ذهب قُتل عندما فجّر إرهابيون تلك المحلات وها
أنا اليوم أقيم هنا”.
ذنب النساء والاطفال
حين يتعرضون الى القتل عبر وسائل التفخيخ أو عمليات الذبح والقتل في مناطق متفرقة من
العراق أنهم مسيحيون متهمون بالتعاون مع الاميركيين وبالتقصير تجاه بلدهم ولكن من سمح
للمتطرفين بتصنيف الناس ومن أعطاهم حق الشروع بمحاسبة المقصر اذا كان هناك فعلا تقصير؟
تقول سوزان “أن
على الحكومة العراقية وضع حل جذري لهذه المهزلة التي تستهدف ابناء هذا البلد، خصوصاً
ما يتعرض له أبناء الديانة المسيحية في العراق عبر وسائل رادعة شديدة للمجرمين منها
تفعيل حكم الاعدام. أشعر بالألم الشديد وانا اشاهد تلك الصور المؤلمة فالشيعة والسنة
المعتدلون مستهدفون والمسيحيون هم ايضا مستهدفون من قبل الجهات الاسلامية المتطرفة”.
وتضيف “على المؤسسة القضائية والحكومية أن تمارس دورها الاخلاقي والانساني والوطني
والديني تجاه مكونات الطيف العراقي بدون استثناء”.
تأشيرة أميركيّة
نرى أن عدداً كبيراً
من اللاجئين العراقيين المسيحيين ينتظرون تأشيرة من الولايات المتحدة الأميركية للجوء
الرسمي إليها فبعدما أن أرسل الرئيس الأميركي السابق جورج بوش القوات الأميركية إلى
العراق في العام 2003 ظن أن بالقضاء على الرئيس الراحل صدام حسين سيبني نظاماً ديمقراطياً
عربياً سلمياً ولكن تبدو للوهلة الأولى وكأن صراعاً خفياً “مسيحياً – إسلامياً” دار
وما زال يدور في منطقة الشرق الأوسط، ويتخذ من الإسلام عدواً أو خصماً عنيداً للحضارة
الغربية، حسب تخطيطات بعض الاتجاهات “المتطرفة” في الغرب بغض النظر عن المصالح الأخرى
التي فرضت غزو العراق وبناء خارطة الشرق الأوسط الجديد.
لا يمكن غض النظر
عن أحداث 11 أيلول التي تذكرنا بعداوة الأميركيين ليس فقط للقاعدة بل تشمل العداوة
الإسلام كدين وحضارة وجغرافيا وبيئة وهوية، لا سيما من يمت منهم إلى العرب والعروبة
بصلة.
منذ أحداث 11 أيلول
انطلقت واشنطن بحربها على الارهاب ولكن نصائحها وخدماتها وكل نشاطاتها التي فرضتها
فرضاً على مناطق الشرق الأوسط لوّحت بأهداف فظيعة ومغايرة للحملة التي أعلنتها بعد
اعتداءات 11 أيلول (الحرب على الارهاب) فتبيّن مع الوقت أن هدف الولايات المتحدة على
المدى البعيد بناء دويلات مذهبيّة في الشرق الأوسط لشرعنة دولة يهوديّة في اسرائيل.